أبلغت مصادر سياسية مطلعة «الحياة» أن بغداد وأربيل لا ترغبان في مفاوضات جدية في الوقت الراهن قد تؤدي إلى مصالحة بين الطرفين، بانتظار ما ستسفر عنه الانتخابات البرلمانية والرئاسية في إقليم كردستان المقررة مبدئياً في آذار (مارس) 2018، وأيضاً الانتخابات العامة في العراق المقررة منتصف العام المقبل، التي تقرر من يتولى رئاسة الحكومة في بغداد. وأشارت المصادر إلى أن الطرفين اعترفا بأن حل مسألة نفط إقليم كردستان والعقود طويلة الأمد مع الشركات النفطية والقروض التي حصل عليها الإقليم مع جهات أجنبية، أمر معقد أكثر مما كانوا يتوقعون، ولا يمكن حله بقرار سياسي. وأوضحت: «ثمة تعقيدات تتطلب تسوية دولية لملف النفط في الإقليم لن تتمكن بغداد من حلها وحدها، وربما هذا ما يدفع بغداد وأربيل على حد سواء إلى المزيد من الاعتماد على تدخل دولي». ويستعد رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني لزيارة ألمانيا في محاولة لحض برلين على التدخل في العلاقة المتأزمة بين حكومته والحكومة المركزية. وقالت دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم أمس، إن بارزاني سيزور ألمانيا مع وفد رفيع للقاء المستشارة أنغيلا مركل وعدد من كبار المسؤولين الألمان من أجل البحث في «آلية معالجة المسائل العالقة بين أربيل وبغداد، وتأكيد موقف حكومة إقليم كردستان لحلها عبر الحوار واتباع الطرق السلمية». ومن المتوقع أن يسلك بارزاني الطريق البري من أربيل إلى تركيا حيث يستقل الطائرة إلى برلين، وهي الطريقة ذاتها التي اتبعها في سفره إلى باريس أوائل الشهر الجاري حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وكانت السلطات الاتحادية العراقية أغلقت مطاري السليمانية وأربيل بعد أيام من استفتاء انفصال الإقليم عن العراق في 25 أيلول (سبتمبر) الماضي، ما اضطر المسافرين من الإقليم وإليه لاعتماد مطار بغداد للسفر. لكن العلاقة المتأزمة حالياً بين حكومتي بغداد وأربيل لا تسمح لبارزاني باستخدام مطار بغداد للسفر. وقالت مصادر إن تفضيل السفر عبر تركيا، وليس العراق، يكشف مدى تدهور العلاقات بين الطرفين ودخولها مرحلة تأزم خطيرة منذ أن سيطرت القوات العراقية و»الحشد الشعبي» على كركوك والمناطق المتنازع عليها، والمطالبة بالوصول إلى المنافذ الحدودية للإقليم مع تركيا وإيران، وهو التقدم الذي رافقته اشتباكات عسكرية محدودة مع قوات «البيشمركة» الكردية. وتؤكد حكومة الإقليم منذ الاستفتاء استعدادها للتفاوض مع بغداد في شأن القضايا العالقة، وموافقتها على قرار المحكمة الاتحادية برفض الاستفتاء، لكنها ترفض الإعلان رسمياً عن إلغائه كما تطالب بغداد. في المقابل، تصر الحكومة المركزية على أن المفاوضات مع الإقليم لن تكون ذات طابع سياسي، بل فني وتركز على كيفية تمكينها من فرض سيادتها على الحدود والمطارات والمناطق المتنازع عليها بين الطرفين، إضافة إلى الإنتاج النفطي. وقالت المصادر إن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي كان وعد بتسليم الموظفين في إقليم كردستان رواتبهم بعد استلام الحكومة واردات نفط الإقليم، فيما اتهمت كتلة «التحالف الكردستاني» أمس الحكومة في بغداد ب «تجاهل» الأكراد وتعطيل مصالحهم كجزء من الإجراءات العقابية على استفتاء الانفصال. وقالت عضو «التحالف الكردستاني» نجيبة نجيب أمس: «نشعر بأن هناك توجيهاً من القيادات العليا في الحكومة بعدم التعامل أو تسهيل مهمة النواب الأكراد في بغداد في الوزارات ومؤسسات الدولة»، مبينة أن «غالبية الوزراء والوكلاء والمدراء ورؤساء الهيئات لا تجيب على اتصالاتنا من أجل الاستفسار والسؤال عن قضية معينة أو الاحتجاج على قرارات وقوانين». وتابعت أن «الإجراءات المتمثلة في غلق المطارات والمنافذ أثرت في مصالح المواطنين ولم تؤثر في المسؤولين»، مبينة أن «حكومة بغداد غير جادة في دفع رواتب الموظفين، بعكس الوعود السابقة التي تعهد بها رئيس الوزراء، إذ أن الإجراءات لم تتوقف عند قطع الرواتب وإغلاق المطارات، بل تعدت إلى قوت الناس».