تفاقمت احتجاجات بدأت مسيراتٍ طالبيةً في 4 محافظات جزائرية في منطقة القبائل ثم توسعت لتطالب ب «ترقية اللغة الأمازيغية»، بينما تلقفت أحزاب معارضة تلك الحركة وأطلقت الجدل حول تلك المسألة مجدداً في البرلمان. إلا أن تلك الاحتجاجات شابتها مظاهر دانتها الحكومة، من بينها إنزال العلم الجزائري وحرق صور الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين وصولاً إلى إغلاق جامعة البويرة بقرار من العميد أمس. ولم تتوقف المسيرات في محافظات منطقة القبائل منذ مطلع الأسبوع، في مشهد ينذر بتفاقم محتمل للقضية الأكثر حساسية في الجزائر. وكانت قضية الاحتجاجات بدأت من تحت قبة البرلمان الجزائري ثم انتقلت إلى الشارع قبل أن تعود إليه، إذ سربت النائب عن حزب العمال، نادية شويتم، خبر إسقاط مادة اقترحت إدخالها على قانون المالية تنص على اقتطاع جزء من موازنة التربية، تُخصص لدعم تدريس اللغة الأمازيغية. وقرر عميد جامعة البويرة (شرق) أمس، تجميد الدراسة وإغلاق أبواب الجامعة إلى موعد لاحق، خشية تطور الأحداث وذلك وفق منشور رسمي اطلعت عليه «الحياة»، وتسبب بخروج تظاهرات طالبية في كل من بومرداس وتيزي وزو وبجاية والبويرة، وبدرجة أقل في محافظة باتنة. وتخللت تلك التظاهرات مواجهات بين الشرطة والمحتجين، أدت إلى سقوط جرحى من الطرفين. وتفاقم الأمر بعد التحاق ناشطين تصفهم الحكومة ب «المتطرفين»، ينتمون إلى تنظيم ينادي بانفصال منطقة القبائل، بالتظاهرات وعمدوا خلالها على إنزال علم الجزائر عن بعض المؤسسات وإحراق صور للرئيس السابق هواري بومدين. واحتدم السجال تحت قبة البرلمان بشأن اللغة الأمازيغية مساء أول من أمس، بعد تحويل نقاش جلسة خُصصت لقطاع تكنولوجيات الاتصال، إلى حلبة لتبادل الاتهامات بين نواب في حزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية من جهة وآخرين ينتمون إلى حزبَي الموالاة «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديموقراطي». وقال النائب عن حزب العمال رمضان تعزيبت، إن «ترقية اللغة الأمازيغية مطلب وطني وليس حزبياً أو فئوياً»، مؤكداً أن «النضال سيبقى مستمراً إلى أن تُدرَس الأمازيغية في كل الولايات». ولفت إلى أن المؤسستين التنفيذية والاشتراعية مطالبتان بالرد على مطالب المحتجين التي وصفها ب «الشرعية»، وذلك عن طريق ترقية الأمازيغية، مشيراً إلى أن اللغة كانت ضحية التقشف بعد تقليص ميزانية قطاع التربية للعام 2018، رافضاً المبرر الذي ساقته الحكومة بوجود هيئة تتولى مهمة تطوير وترقية اللغة الأمازيغية التي نص عليها الدستور. كذلك ندد النائب عن جبهة القوى الاشتراكية جمال بالول، بما سماه «قمع احتجاجات الطلبة الذين خرجوا للتمسك بهويتهم وثقافتهم ولغتهم الأمازيغية في ذكرى أحداث 11 كانون الأول/ ديسمبر»، معتبراً أن «اللغة إسمنت بناء الوحدة الوطنية والمغاربية، وأصبحت حقيقة لا يمكن تجاهلها لأنها لغة توحّد ولا تفرق». واعتمدت الجزائر اللغة الأمازيغية كلغة رسمية منذ نحو سنتين، منهيةً 3 عقود من نضال «التيار البربري». وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اعتمد في العام 2001 اللغة الأمازيغية «لغةً وطنية» قبل اعتمادها كلغة رسمية في الدستور منذ سنتين، إلا أن أحداث الأسبوع الجاري كشفت للسلطة أن هناك عملاً سياسياً إضافياً لا يزال ينتظر في هذه المسألة. في السياق ذاته، وجّهت أحزاب معروفة بتواجدها التاريخي في منطقة القبائل كال»تجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» و «جبهة القوى الاشتراكية»، اتهامات ل «حزب العمال» ب «استغلال مطلب مشروع لتحقيق مصالح سياسية»، ما فتح الباب أمام صراع سياسي ليس فقط بين السلطة والمعارضة، ولدى أطراف معارِضة في ما بينها. وتعتبر أحزاب الموالاة أن الجزائر أنهت من خلال التعديل الدستوري الأخير في شباط (فبراير) 2016، الجدل حول المطالب الأمازيغية، بعد الاعتراف بها لغة وطنية ورسمية والتعهد بترقيتها إلى جانب اللغة العربية لتنال مكانة دستورية مناسبة.