تستقطب الدراما الكويتية والسورية التي تبثها الفضائيات العربية غالبية المشاهدين العراقيين، الذين لم تكن تستهويهم قبل ذلك سوى الدراما التركية. فالمُشاهد العراقي الذي كان يتابع الدراما التركية بشغف كبير، لم تعد قصصها تستهويه، وبات يشعر بأن غالبية مضامينها منسوخة بعضها عن بعض، فضلاً عن الإعادات المتكررة للمسلسلات، الأمر الذي يجعل امكان مشاهدتها اقل بكثير عند عرض مسلسلات أخرى من إنتاج كويتي او سوري في الوقت ذاته. والقصص الدرامية التي تجسدها الدراما الكويتية والسورية، تبدو اكثر التصاقاً بالواقع من مثيلاتها التركية، التي غالباً ما تحاكي واقع طبقات اجتماعية محددة، وتبتعد عن الحياة العامة للمجتمع الى حد كبير. وعلى رغم إدمان المشاهد العراقي على مدى أكثر من ثلاثة عقود الدراما المصرية في ظل غياب بديل مناسب، إلاّ أن أذواق المشاهد العراقي بدأت تتغير تدريجاً بعد عرض الفضائيات المسلسلات التركية التي استقطبت المشاهدين في العراق على اختلاف أذواقهم، لما تحتويه من مواقف رومانسية، ونظرة حديثة لم يألفْها العراقيون. ويعزو بعض المشاهدين والاختصاصيين تقلُّب مزاج المشاهد العراقي الى طبيعة المشاهد نفسه، ويقول المخرج الشاب سرور اكد ناجي ل «الحياة»، إن «طبيعة الاخراج التلفزيوني وملامسة القصة للواقع تلعبان دوراً كبيراً في تغيير مزاج المشاهد العراقي». ويضيف: «أنا شخصياً كنت من اشد المعجبين بالمسلسلات التركية المدبلجة عند بدء بثها منذ اكثر من ثلاث سنوات، وبعد ذلك أدهشتني طريقة اخراج مسلسل «يوسف الصديق» في الدراما الإيرانية، ثم شدتني لاحقاً القصص الواقعية في الدراما السورية والكويتية». سرور يرى ان قوة الدراما الكويتية والسورية ومنافَستهما للدراما المصرية والتركية ناتجتان من القصص والمواضيع الجريئة التي تتناولانها، والتي كانت الى حد قريب من المحظورات، لاسيما في الدراما الكويتية، التي بدأت تناقش قصصاً جريئة جداً. ويبرر مشاهدون آخرون تقلب المزاج العراقي بين أنواع من الدراما بأنه «نوع من الموضة أكثر منه إعجاب بفحواها». ويقول أرشد تحسين (موظف) إن «الدراما، شأنها شأن بقية الامور الأخرى في الحياة، تخضع للموضة، ففي تسعينات القرن العشرين، اصبح المشاهد العراقي مهووساً بالمسلسلات المدبلجة، وقبل اربع سنوات اصيب بالهوس ذاته، ولكن هذه المرة بالمسلسلات التركية، وبعدما شاهد تحولاً كبيراً في طبيعة الدراما الكويتية والسورية، بات شغوفاً بمتابعتها وقلَّل من تتبعه للدراما التركية، نتيجة تكرار المسلسلات التركية لقصص متشابهة». ولا يستبعد تحسين ان يتحول مزاج المشاهد العراقي في اتجاه آخر بعد سنوات، في حال ظهور قصص مختلفة تشده الى مشاهدتها.