قال مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، إن الحكومة السورية ومفاوضي المعارضة الذين بدأوا أمس اجتماعاتهم في جنيف ستتاح لهم فرصة إجراء «محادثات مباشرة» للمرة الأولى، لكن لم يتضح إن كانوا سيستغلونها. وأوضح دي ميستورا بعد اجتماع ظهر أمس مع أعضاء وفد المعارضة في فندقهم «سنعرض عليهم الأمر. سنرى إن كان ذلك سيحدث. لكننا سنعرضه». في موازاة ذلك، قال الناطق باسم وفد المعارضة إلى جنيف، يحيى العريضي، إن المعارضة مستعدة للدخول في محادثات مباشرة مع السلطات السورية. وأوضح العريضي، في بيان أمس «لم يعد لدى دمشق حجة بأن المعارضة مجزأة، نحن متحدون، ونحن على استعداد للتفاوض مباشرة مع الجانب الآخر». والتقى دي ميستورا مع وفد المعارضة الموحد أمس. وهي المرة الأولى التي تشارك المعارضة في المفاوضات بوفد موحد يضم بالإضافة الى الهيئة العليا للتفاوض، منصتي القاهرةوموسكو اللتين كانت حتى الآن أقل تشدداً إزاء دور الرئيس السوري بشار الأسد. وانطلقت أمس الجولة الثامنة من مفاوضات السلام السورية برعاية الأممالمتحدة، بغياب الوفد الحكومي الذي أرجأ موعد وصوله الى جنيف إلى اليوم، في خطوة من شأنها أن تعرقل المحادثات الصعبة بين طرفي النزاع. وأفادت الأممالمتحدة بأن وفد الحكومة السورية سيصل إلى جنيف اليوم بعد تحفظات لدمشق على موقف المعارضة حول مصير الرئيس السوري. وكان رئيس وفد المعارضة في جنيف، نصر الحريري، قال إنه يهدف إلى أن تكون الإطاحة بالأسد نتيجة من نتائج المفاوضات. وأكد الحريري في مؤتمر صحافي عقده فور وصوله مساء الإثنين الى جنيف أن «الانتقال السياسي الذي يحقق رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية هو هدفنا». ودعا الحريري القوى العظمى بخاصة روسيا إلى الضغط على حكومة الأسد لإجراء مفاوضات حقيقية، في شأن انتقال سياسي يعقبها دستور جديد وانتخابات حرة وفقاً لخريطة طريق الأممالمتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أعوام. وقالت الناطقة باسم الأممالمتحدة أليساندرا فيلوتشي في إفادة صحافية في جنيف، إن دي ميستورا تلقى تأكيدات بأن وفد الحكومة السورية سيشارك في المحادثات. وسيكون تحقيق تقدم في محادثات السلام الحالية أصعب على الأرجح من سبع جولات فاشلة سابقة، بينما يسعى الأسد الى تحقيق نصر عسكري كامل في وقت يتمسك معارضوه مطلب رحيله عن السلطة. وفيما كان دي ميستورا يأمل بإمكان تحقيق تقدم حقيقي في هذه الجولة ونقل المحادثات الى مستوى أكثر عمقاً، يتبادل طرفا النزاع الاتهامات بعرقلة تقدم المفاوضات وفرض شروط مسبقة. وفي مؤشر الى دعم عملية جنيف، اتفق الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والفرنسي ايمانويل ماكرون خلال محادثة هاتفية على أن محادثات جنيف هي «المسار الشرعي الوحيد للتوصل الى حل سياسي في سورية»، وفق بيان للبيت الأبيض. وعقدت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن اجتماعاً في جنيف امس بطلب فرنسي. وأعلن دي ميستورا أنه سيشارك في «هذا الاجتماع التحضيري» الذي يبدو أنه يندرج في إطار رغبة القوى الكبرى في الإمساك مجدداً بالملف السوري، في مواجهة ديبلوماسية نشطة تقودها موسكو على وقع انتصارات ميدانية وسياسية حققتها القوات الحكومية على حساب الفصائل المعارضة و «داعش». وتتهم المعارضة السورية روسيا بمحاولة «الالتفاف على مسار جنيف» والعمل على التوصل الى تسوية تستثني مصير الأسد من خلال الدعوة الى مؤتمرات حوار موازية في «سوتشي». وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن محادثات آستانة «ليست بديلاً عما يجري في جنيف»، مضيفاً «ما نحاول القيام به هو إعداد بُنية من أجل حل ينبثق عن محادثات جنيف». وأكد يلدريم أن بلاده ما زالت متمسكة برحيل الرئيس السوري، قائلاً: «على المدى الطويل لا يمكن للأسد البقاء في سورية. يجب تقبل هذا الواقع». الكرملين: جنيف أساس التسوية السياسية شدد الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف على أهمية عملية جنيف للتسوية في سورية، مشيراً إلى أنه يتعين عليها أن تكون شاملة بأقصى قدر ممكن. وقال بيسكوف للصحافيين في تعليقه على بدء محادثات جنيف أمس: «نعتقد أن عملية جنيف – هي أساسية للتسوية السياسية، ويجب أن تكون شاملة بأقصى قدر ممكن. إن الشمولية عامل أساسي لحيوية تلك الاتفاقات التي سيتم التوصل إليها». وأضاف بيسكوف: «هذه العملية معقدة ومضنية للغاية، لذلك نحن جميعاً نراقبها وننتظرها». وفي معرض إجابته عن سؤال حول خطط روسيا فرض نظام خفض التوتر في الغوطة الشرقية، قال بيسكوف: «تجري هناك اشتباكات مع الإرهابيين، لا مع المعارضين، ويجري القتال مع تنظيم داعش المتمركز في هذه المنطقة. ولا يمكن إقرار المصالحة مع داعش». وكان الفريق سيرغي كورالينكو، رئيس مركز المصالحة الروسي، دعا جميع الأطراف المتنازعة في سورية إلى فرض نظام خفض التوتر يومي 28 و29 تشرين الثاني (نوفمبر) في منطقة التهدئة الرقم 3 بالغوطة الشرقية. إلى ذلك، ذكر دميتري بيسكوف أن مواعيد إجراء «مؤتمر الحوار الوطني السوري» لم تحدد بعد، مشيراً إلى أن فاعلية هذا المؤتمر هي أهم أولوياتها. وقال بيسكوف: «لم تحدد بعد مواعيد إجراء مؤتمر الحوار الوطني السوري، ولم يضع أحد نصب عينيه إجراء هذا المؤتمر في الموعد المحدد، قبل عطلة عيد رأس السنة أو بعدها... من الأهمية بمكان إعداد هذا المؤتمر في شكل جيد والتوصل إلى الاتفاق حول قائمة المشاركين فيه، وهذا الأمر صعب جداً». وسبق لوزارة الخارجية الروسية أن أعلنت عن توجيه دعوة إلى ممثلي 33 منظمة، بما فيها مجموعات المعارضة التي تتخذ مقراً لها في كل من دمشقوالقاهرة والرياض وإسطنبول وباريس وجنيف ومدريد، إلى المشاركة في هذا المؤتمر الذي يهدف إلى توسيع نطاق مشاركة المهتمين في التسوية السورية ليشمل ممثلي القبائل، والمجموعات الإثنية والطائفية.