دخلت قضية محاسبة المتسببين في كارثة السيول والأمطار التي اجتاحت جدة فصلاً جديداً بعد أن أصدرت وزارة الداخلية أمس (الأربعاء) بياناً أعلنت فيه عن نتائج إجراءات الاستدلال في المسؤولية عن الأضرار التي نتجت من السيول التي تعرضت لها محافظة جدة عام 1430، إنفاذاً للأمر الملكي رقم أ/66 وتاريخ 26/5/1431 القاضي بإحالة جميع المتهمين في القضايا التي لها علاقة بفاجعة سيول جدة إلى هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام، كل فيما يخصه، بعد استكمال قضاياهم من جهة الضبط الجنائي. وصرح مصدر مسؤول في وزارة الداخلية أن الجهات الأمنية المختصة باشرت إجراءات الاستدلال في المسؤولية عن الأضرار التي نتجت من السيول التي تعرضت لها محافظة جدة عام 1430، وذلك في ضوء نتائج تقرير اللجنة المكلفة بتقصي الحقائق. وأوضح المصدر أن تلك الإجراءات أسفرت عن إحالة محاضر استدلال تشمل 302 شخص و30 شخصية اعتبارية تمثل شركات ومؤسسات ومكاتب استشارية إلى الجهات المختصة لمباشرة إجراءات التحقيق معهم وتحديد المسؤولية الجنائية والإدارية، وفق ما ينتهي إليه التحقيق ليتم في ضوئه رفع الدعوى أمام الجهات القضائية المختصة بطلب الحكم بما أسند إليهم، وتقرير العقوبة بحق من تثبت إدانتهم، مبيناً أن الإعلان عن المستجدات سيتم في حينه. ويأتي هذا الإعلان إنفاذاً لأوامر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمحاسبة كل متسبب ومتورط في كارثة جدة «كائناً من كان»، ومصادقةً لتأكيدات النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، وأمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز على مبدأ الشفافية الذي ستنتهجه الجهات المختصة في مراحل التحقيق. وسد الإعلان باب تأويلات فُتح بعد أشهر من انتظار أخبار التحقيقات، بعد انتشار أقاويل تشير إلى أن الملف أغلق ولن يعاد طرقه، ليؤكد البيان أن طريق المحاسبة ماضٍ في كشف المستور، وهو معقد وطويل بقدر ألم الكارثة والفجيعة. وتنتظر أسر 123 شهيداً في كارثة عام 1430، والآلاف من المتضررين بفارغ الصبر نتائج تلك التحقيقات، علها تضمد ما تبقى من جراحهم في محاسبة المتسببين جنائياً وإدارياً في تحويل جدة إلى عزاء مفتوح، لم ينته بعد كارثة ذلك العام، لتفجعهم كارثة أخرى بداية العام الحالي 1432 كانت أشد فتكاً وإضراراً بالممتلكات العامة والخاصة، أفضت إلى الإضرار ب16793 عقاراً و10542 سيارة، فيما لم تنته بعد لجان صرف التعويضات من أعمالها. ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم استنفرت جهات حكومية عدة طاقاتها بأمر خادم الحرمين الشريفين في لجانٍ مهمتها درء مخاطر السيول والأمطار عن المحافظة، وبدا أن إمارة منطقة مكةالمكرمة تحولت إلى ورشة عمل يومية تجتمع فيها قيادات الأجهزة الحكومية لمباشرة العمل ساعةً بساعة في سبيل تطبيب جراح العروس، وإجراء إصلاحات في مخططها العام، تمكنها من اجتياز اختبارات الأمطار والسيول بسلام. جدة فتحت باباً لن يغلق في محاربة الفساد، واستئصال المفسدين من مواقع القرار، فالغرق الذي أصاب غالبية أحيائها وشوارعها شاهد على استشراء فسادٍ طاول حياة الناس. شهدت عليه الأرض بما أصابها من ضرر، والناس بما فقدوا من أهلٍ وأحباء.