قبل مجيئه إلى المملكة تلبية لدعوة الشيخ عبدالمقصود خوجة لتكريمه في الاثنينية مساء الاثنين الماضي وسط حضور عدد كبير من المثقفين وأصحاب الرأي والمسؤولية، كانت آخر مهمة أداها المفكر الإسلامي الدكتور أحمد كمال أبو المجد هي عضوية لجنة الحكماء التي شكلتها الثورة المصرية الأخيرة لتتحاور مع المجلس العسكري، لتحديد مستقبل مصر وخياراتها المقبلة، فهو أحد رجال القانون الدولي والقضاء المصري وواجهة إعلامية وثقافية كبيرة بحكم تقلده مسؤولية وزارة الإعلام في بلاده وقبلها وزارة الشباب والرياضة، وكذلك بحكم عمله في مجال القضاء وخدمة العدالة. وقال خوجه: «شأن ضيفنا شأن كثير من المفكرين، وهو قضايا الثقافة الإسلامية، فرأى ضرورة تثوير نهضة إسلامية شاملة، حجر زاويتها الإعلاء العقلي، عبر ثلاث مراحل مهمة: تحديد المقاصد العامة والغايات الكبرى للحياة والمجتمعات الإنسانية في ظل الإسلام، تحديد الحاجات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية القائمة في المجتمع الإسلامي في زمن معين ومكان معين، وأخيراً الاستعانة بمضامين النصوص القرآنية والنبوية». وقال أبو المجد خلال الأمسية: «لم انخرط في أي تنظيم سياسي، على رغم أن الإخوان المسلمين حاولوا أن يجذبوني إليهم، مشيراً إلى بعض الجمود الذي أصاب التفكير العربي والإسلامي لقرون عدة، وإلى فساد الخطاب السياسي والخطاب الديني واللذين يحتاجان إلى إعادة نظر شاملة». وزاد: «إن الخطاب الديني ربما كان بحاجة أشد إلى الإصلاح، ذلك أنه من السهولة بمكان على أي خصم أن يتهم خصمه الآخر بالفسق، والخروج عن الإجماع وما إلى ذلك، ليجد المرء نفسه وقد حوصر في قفص صغير، ومن هنا كانت محاذيره أكبر، وهذا يتطلب أن يكف العلماء عن مجاملة العلماء، خشية أن تظل الحقائق مخفية وملتبسة». كما تحدث عن مظاهر الفساد في الخطاب السياسي السائد، مشيراً إلى أهمية المشاركة السياسية الحرة بعيداً عن كل مظاهر الترهيب والترغيب. ثم تحدث عن سيادة القانون، وهذا ما يقتضي على المرء أن يبحث عن الحكمة حتى ولو من مصادر أخرى فالحكمة لا وطن لها، وهذا ما يؤدي إلى احترام الحقوق والحريات، إذا لا نفع لمواطن غير ممكن من حقوقه وحريته في مجتمعه، ولا ولاء له». وفي المداخلات أوضح الدكتور عبد المحسن القحطاني أن أبو المجد «يملك الكلمة الوثابة ويمسك بتلابيب الجملة والأفكار النيرة، ولم يخسر فكره أو نفسه»، مؤكداً على أن مؤلفاته استشرفت المستقبل، مشبهاً إياه شأن طائر يتجول من بلد إلى آخر. وأكد الدكتور عبد العزيز قاسم أن الوقت «قد حان للقيام بثورة ثقافية من أجل خروج الأمة من أزمتها وأمراضها ولتحقيق النهضة الشاملة». وقال الدكتور حامد الرفاعي إن المسلمين يعيشون أزمتين واحدة مع الذات والثانية مع الآخر، مؤكداً «أن أزمتنا مع الذات هي أخطر وأعتى وأشد من أزمتنا مع الآخر»، معتبراً أن الأزمة مع الآخر هي إفراز للأزمة مع الذات، وبأن ثمة حلقة مفقودة بين الشعارات التي رفعت وبين ميدان التطبيق، مشدداً على وجود تحديات كبيرة «تواجهنا تتجلى في عرض الإسلام عرضاً يليق بجلال رسالته».