كسبت جبهة التحرير الوطني غالبية مقاعد مجالس البلديات والولايات في الانتخابات التي أجريت الخميس، وحل التجمع الوطني الديموقراطي ثانياً لكن مع تقليصه الفارق مقارنة بالاقتراع الذي أجري قبل خمس سنوات. وحل تجمع «أمل الجزائر» ثالثاً بفارق كبير جداً عن حزبي الموالاة، في حين حقق حزب المستقبل المفاجأة بتفوقه في مئات من المجالس، وهيمنت جبهة القوى الاشتراكية على بلديات منطقة القبائل حيث معاقلها الرئيسية. وتقدمت جبهة التحرير الوطني في 472 من أصل 1316 بلدية، وتلاها التجمع (386 بلدية)، و «تجمع أمل الجزائر» (62 بلدية) وجبهة المستقبل (48 بلدية). ويمكن تبرير تراجع نتائج جبهة التحرير الوطني مقارنة بالأعوام السابقة باللوائح التي خاضت بها المنافسات، والانقسامات بين قادتها في مقابل ارتفاع نسبة التزكية لمصلحة أحزاب أخرى كحركة مجتمع السلم وجبهة المستقبل وبعض اللوائح المستقلة. وقال رئيس لجنة مراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال أن النائب العام تلقى 16 شكوى بحصول تجاوزات، مشيراً الى كشف المراقبين مع انتهاء التصويت وبدء عملية الفرز 690 تجاوزاً، «لكن هذا العدد لا يؤثر في العملية الانتخابية مقارنة بعدد المرشحين». وشهد بعض المحافظات احتجاجات على النتائج، إذ أغلق متظاهرون مقر ولاية ورقلة (جنوب شرقي)، احتجاجاً على نتائج انتخابات المجلس الشعبي البلدي للولاية. ورفع المحتجون اتهامات ضد السلطات بمساندة حزب جبهة التحرير الوطني الذي فاز بغالبية المقاعد ال14. وكشفت مصادر في هيئة المراقبة أنها تلقت إخطارات تخص عمليات حشو صناديق. وانتقل أعضاء من اللجنة إلى محافظة بشار أقصى الجنوب الغربي، للتحقق من اتهامات ضد مراقبي مكاتب عن حالة حشو صندوق اقتراع بأوراق تصويت، ثم أحالوا القضية على محكمة المحافظة. كما تدخلت الشرطة في أكثر من 20 مركزاً بسبب شجارات بين مرشحين أو ناخبين، أو من أجل فض شجارات حصلت بسبب ما سمي محاولات للتأثير في تصويت ناخبين. وتكرس النتائج الخريطة السياسية السابقة، مع تقدم واضح فقط للتجمع الوطني الديموقراطي. كما أن التغيير الأكبر في النتائج تمثل في تراجع الجبهة الوطنية الجزائرية المعارضة من المركز الثالث واحتلالها مراتب متأخرة، لمصلحة جبهة المستقبل التي تنتهج خطاً سياسياً وسطاً، ويقودها عبدالعزيز بلعيد، العضو السابق في جبهة التحرير الوطني. وكانت الحملة الانتخابية تركزت حول مسائل، مثل الوضع الاقتصادي الصعب وقانون المال لعام 2018 والانتخابات الرئاسية في 2019، مع توقع ترشح عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة. وقال بلقاسم بن زين من مركز البحوث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بمدينة وهران (غرب): «لم تتطرق الحملات الى التنمية المحلية ودور المجالس المحلية إلا في شكل سطحي». ودفع ذلك كثيرين الى عدم الاقتراع، لأن «انتخابات مماثلة لن تفيد شيئاً على صعيد تغيير الأمور. وقال سعيد (52 سنة) الذي يعمل سائق أجرة: «أدرك أن التصويت لن ينفع. الأمور محسومة».