أعلن المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء التونسي رضا السعيدي، أن تونس تتجه إلى زيادة أسعار البنزين وبعض المواد الأساس، من بينها الخبز والماء والشاي والبن تدريجاً العام المقبل، ضمن حزمة إصلاحات فورية لخفض العجز في الموازنة، بينما ستبدأ تنفيذ إصلاحات هيكلية لمنظومة الدعم مطلع عام 2019. وقال السعيدي في مقابلة مع وكالة «رويترز»: «نتجه لرفع تدريجي في أسعار بعض المواد (...)، هناك اتفاق على زيادة في سعر مياه الشفة بنسبة 5 في المئة، وسيتم أيضاً تعديل سعر البنزين مطلع العام المقبل في ظل ارتفاع أسعار البترول العالمية». وتخصص تونس نحو 1.5 بليون دينار (610.2 مليون دولار) لدعم المحروقات، لكن عودة أسعار النفط العالمية إلى الارتفاع ستجبر الحكومة على تعديل الأسعار مطلع العام المقبل. وأضاف السعيدي: «هناك أيضاً نية لتعديل تدريجي في أسعار الشاي والبن وأيضاً سعر الخبز، الذي سيرتفع بما لا يقل عن 10 مليمات على الأقل». وتتعرض تونس لضغوط قوية من المقرضين الدوليين، لتدشين حزمة إصلاحات جريئة لخفض العجز في الموازنة الذي تأمل الحكومة بأن يهبط إلى 4.9 في المئة العام المقبل مقارنة بنحو 6 في المئة في توقعات عام 2017. ولكن خفض الدعم ورفع أسعار المواد الغذائية، خصوصاً الخبز، أمر شديد الحساسية في تونس التي شهدت في بداية ثمانينات القرن الماضي احتجاجات عنيفة قمعتها السلطات آنذاك وقُتل فيها عدد من الأشخاص، في ما أصبح يعرف «بثورة الخبز». ولكن يبدو أن زيادة سعر الخبز تحديداً قد لا تلقى اليوم اعتراضاً واسعاً، خصوصاً أن التونسيين بغالبيتهم يتنازلون بالفعل عن هذه المليمات ال10 للمخابز التي لا تتوافر لديها عادة عملة 10 مليمات. وإضافة إلى ذلك، تقول السلطات إن العائلات التونسية تتخلص من كميات كبيرة من الخبز لزيادته عن حاجتها. وتعود آخر زيادة في سعر الخبز إلى عام 2010، أي قبل أشهر من الانتفاضة التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أعلن في كانون الثاني (يناير) 2011 خفض سعر الخبز من جديد، في مسعى لاحتواء الاحتجاجات، لكن من دون جدوى. وبدأت حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد خلال العام الحالي خططاً لخفض تدريجي لدعم السكر الموجه للتجار، ما ساعد على توفير 70 مليون دولار للدولة. وقال السعيدي: «هذه التعديلات التدريجية في بعض الأسعار هي إصلاحات فورية، ولكنْ لدينا خطط لإصلاح هيكلي نتقدم فيه حول منظومة الدعم وستكون جاهزة نهاية العام المقبل، على أن يتم تنفيذها عام 2019». وأضاف: «نسعى إلى أن نجهز بطاقة المعرّف الوحيد التي ستضبط من يجب أن يحصل على مساعدات من الدولة مقابل خفضها دعم بعض المواد التي يستفيد منها صناعيون من دون وجه حق». وعلى رغم خطط الحكومة لرفع أسعار بعض المواد الغذائية عام 2018، ستبقى الموازنة المرصودة لصندوق الدعم عند حجم العام الحالي تقريباً، أي نحو 3.5 بليون دينار. ويبرر السعيدي تعديل الأسعار بأنه ضرورة بسبب هبوط قيمة الدينار، ما أدى إلى ارتفاع كلفة الواردات وأسعار بعض المواد التي تستوردها تونس من السوق العالمية مثل البترول والحبوب. وقال إن «الإصلاحات هي خيار لخفض العجز وتقليص الدَين الخارجي تدريجاً»، ولكن مع ذلك ستحتاج تونس إلى تمويلات خارجية ب7.5 بليون دينار عام 2018، من بينها إصدار سندات. وأشار السعيدي إلى أن «من بين التمويلات الخارجية برنامج إصدار سندات باليورو، سيبلغ نحو 500 مليون يورو في الربع الأول من العام المقبل على الأرجح». وفي شباط (فبراير) الماضي، أصدرت تونس سندات ب850 مليون يورو. وأضاف أن «تونس ستحتاج للاقتراض داخلياً من خلال إصدار سندات في السوق المحلية ب2.2 بليون دينار»، وتأمل بأن تساعد الإصلاحات في خفض الدين الخارجي الذي بلغ مستويات غير مسبوقة وسجل 75 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتريد تونس أن يهبط إلى 70 في المئة عام 2020. وتشمل إصلاحات حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد زيادة في ضريبة القيمة المضافة نسبتها 1 في المئة وزيادة الضرائب على البنوك 5 في المئة، وسترفع الحكومة أيضاً الضريبة على سلع مثل العطور والمكالمات الهاتفية إضافة إلى فرض ضريبة على الإقامة في الفنادق، وستشدد الرقابة على الضرائب المفروضة على صفقات الرياضيين والفنانين.