بعد ثلاث سنوات من إنتفاضتها التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، تسير تونس بخطى ثابتة نحو الديمقراطية بدستورها الجديد، وحكومة مؤقتة ستقود البلاد الى إنتخابات نهاية العام الحالي. وحذر رئيس الحكومة التونسية، مهدي جمعة، من أنّ الوضع الإقتصادي "حرج" ويحتاج "تضحيات مؤلمة" لإنعاش إقتصاد من المنتظر ألا يتجاوز نموه 2.8 في المائة، وأن يصل عجز ميزانيته إلى 8 في المائة في 2014، وفقاً لتوقعات رسمية. وستكون حكومة جمعة أمام عدة تحديات أبرزها توفير مناخ جيد للإنتخابات، لكن مسألة الإصلاحات الاقتصادية وخفض الدعم، التي يحتاجها الإقتصاد التونسي المتعثر. وكان أثار قرار الحكومة السابقة بدء إصلاحات جبائية، شملت زيادة الضرائب، إحتجاجات واسعة ومواجهات بين الشرطة ومحتجين أغلقوا الطرقات في عدة مدن تونسية قبل أن تعلق الحكومة تطبيق القرار، في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وتونس الآن تحت ضغط المقرضين الدوليين الذين يحثون على بدء إصلاحات إقتصادية عاجلة، من بينها كبح جماح عجز الميزانية ودفع النمو الذي لم يتجاوز 2.3 في المائة في 2013. وفتح الإستقرار السياسي في تونس الباب أمامها للحصول على حزمة قروض هذا العام تناهز 3.2 بليون دولار من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واليابان والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وتهدف تونس إلى خفض دعم الدولة لقطاع الطاقة من 3.6 بليون دينار في 2013 إلى 2.5 مليار دينار في 2014. وحتى الآن، تتجنب الحكومة الحديث مباشرة عن إجراءات لخفض الدعم تمس المواد الغذائية، ولكن رفع الدعم عن قطاعات الطاقة بدأ بالفعل. وبدأت الحكومة خفض دعم الطاقة لشركات الأسمنت بنسبة 50 في المائة على أن ترفع الدعم بالكامل في حزيران (يونيو) المقبل. وأعلنت وزارة الصناعة الشروع في الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة الموجه لقطاعات الصناعات الغذائية والنسيج والخزف، وسيوفر رفع الدعم 420 مليون دينار. وتستعد الحكومة لعرض قانون جديد للمالية على المجلس التأسيسي خلال أسابيع يتوقع أن يتضمن حزمة من الإجراءات الجبائية الصارمة، إضافة إلى رفع الدعم عن عدة مواد أساسية إستجابة لطلب المقرضين الدوليين. وأفاد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن "هناك معادلة صعبة تتمثل في أن قدرة المواطن الشرائية تدهورت بشكل كبير ومست كل الفئات وبين ضرورة اجراء اصلاحات لا تحتمل التأجيل". ويتوقع سعيدان أن تشمل الزيادات المحروقات بالأساس ومن بينها قوارير غاز الطهي، وبعض المواد الغذائية الأخرى، إضافة لقطاع النقل، ولكنه إستبعد رفع أسعار الخبز في هذه الفترة قائلا إنها مسألة حساسة جدا.