عشية ذكرى مجزرة دير ياسين في 9/4/1948 قَتل الإسرائيليون تسعة فلسطينيين رداً على صاروخ من قطاع غزة على باص مدرسة جرح فيه مراهق إسرائيلي عمره 16 سنة. هذه نسبة نازية بامتياز، تسعة فلسطينيين أو عشرة مقابل جريح إسرائيلي أو قتيل، وعشرة يهود مقابل نازي واحد. كنت في اليوم التالي أستعيد ذكرى مجزرة دير ياسين التي ارتكبها مؤسسو دولة الجريمة وأقرأ تفاصيل الجريمة الأخيرة، عندما تلقيت رسالة من ليكودي، لعله إسرائيلي، يتهمني فيها بممارسة الكره، أو التحريض عليه ضد إسرائيل. لم تكن التهمة جديدة ففي الأسابيع الأخيرة تلقيت عدداً من الرسائل تُظهر أسماء أصحابها أنهم يهود، تتهمني بإبداء الكره أو ممارسته. وهناك ليكودي اسمه سونتاغ يبعث إليّ برسائل قصيرة إلكترونية منذ سنوات يقول فيها ان العرب حشرات ويطلب الموت لهم. وعادتي أن أستفزه بالقول انه نازي، ويرد عليّ برسالة عنصرية أخرى. يبدو ان تهمة «الكره» موضة الموسم السياسي لليمين الإسرائيلي، من ليكود وشاس وإسرائيل بيتنا، أي عصابة الجريمة التي تشكل حكومة الاحتلال. هل أكره إسرائيل؟ أعتقد أنني أحتقرها كدولة عنصرية واحتلال وقتل وتدمير، وهذا من دون أن أنكر أنها دولة كريهة تستحق أن تُكره. الإسرائيليون سرقوا فلسطين من أهلها على أساس خرافات توراتية وقصص أنبياء لم يوجدوا ولا أثر لهم إطلاقاً في بلادنا. والخزر الأشكيناز قتلوا مئات ألوف الفلسطينيين والمصريين والسوريين واللبنانيين وغيرهم، وحتى اليوم لا بد أن هناك جريمة أخرى لن ينقضي النهار حتى نسمع تفاصيلها. وكنت شاهداً على قتل 17500 لبناني وفلسطيني، معظمهم من المدنيين، وغالبية هؤلاء من الأطفال، في اجتياح سنة 1982، ومن بينهم 1700 ضحية في صبرا وشاتيلا، ثم 1006 ضحايا، أيضاً غالبيتهم من النساء والأطفال، في قانا سنة 1996، وألف في صيف 2006 في لبنان، ومثلهم في قطاع غزة بعد ذلك، بينهم 600 قتلوا في أسبوع واحد، و40 في مدرسة الأونروا. الدكتور عز الدين أبو العيش كوفئ على التطبيب في إسرائيل بقتل ثلاث من صغيرات العائلة في قصف إسرائيلي وصدر له بعد ذلك كتاب عنوانه «لن أكره»، إلا ان الإنسان يحتاج أن يكون العذراء مريم حتى لا يكره هؤلاء الناس. القانون الدولي يقول ان جريمة الكره هي ارتكاب عمل إجرامي ضد شخص أو تدمير ممتلكات أو مضايقة أو إهانة بالكلام أو الكتابة (رسائل، غرافيتي)، وهو ما تفعل إسرائيل وأنصارها كل يوم، فهي تحتل وتقتل وتدمر وتسرق بيوت الفلسطينيين وتطردهم من أرضهم، فيما أنصارها، خصوصاً من الليكوديين الأميركيين، يهاجمون الإسلام نفسه لا مجرد المسلمين، ويشوهون الشريعة وهم يتبعون أقبح (أو أوحش) دين توحيدي في العالم. وما تفعل إسرائيل وأنصارها مشمول أيضاً بجريمة «كلام الكره» وهي في القانون الدولي تشويه صورة شخص أو جماعة بسبب الدين أو الإثنية أو الجنس (ذكر أو أنثى) أو الجنسية (مواطنيته) أو مركزه الاجتماعي أو شكله، من لون وغير ذلك. من يفعل كل ما سبق؟ نحن أو إسرائيل والمتطرفون من أنصارها؟ إسرائيل دولة جريمة وعنصرية وقتل واحتلال، وهو رأي الأممالمتحدة فيها، ورأي العالم عبر الأممالمتحدة، ورأي يهود من دعاة السلام يقاطعونها ويحرّضون على مقاطعتها، وينتصرون للضحايا الفلسطينيين كل يوم، هي دولة كريهة تستحق أن تُكره، وأن تنبذ من المجتمع العالمي... وأنا لا أفعل سوى أن أحتقرها وأدينها من فمها. وكنت قرأت رواية «1984» التي كتبها جورج أورويل بين سنتي 1948 و1949 وعرضتها على القراء سنة 1984 عندما عادت لتحتل قائمة أكثر الكتب مبيعاً. وفي هذه الرواية عبارة «الكره لدقيقتين» فأعضاء الحزب في مجتمع أوقيانوسيا يرغمون على مشاهدة فيلم عن عدو الحزب وأتباعه وإبداء كرههم له ولمبدأ الديموقراطية. وكل ما يحتاج اليه إنسان اليوم هو أن يتابع أعمال إسرائيل دقيقتين. [email protected]