«سارعي / سارع بالاتصال بالخط الساخن على الرقم... للإبلاغ عن حالتك / حالات قد تكون ضحايا الاتجار بالبشر». جملة كتبها مركز «إيواء» على منشوره الترويجي محذّراً الناس من الوقوع في فخّ جرائم تُنسب إلى قضايا الاتجار بالبشر، عبر «مراكز إيواء النساء والأطفال»، وهما الفئتان الأكثر استهدافاً لهذه المنظمة التي تتخذ من دولة الإمارات العربية المتحدة مكاناً لها. أما «تعابير صامتة 3»، فهو عنوان معرض فني يقيمه المركز في أبوظبي في دورته الثالثة، في رعاية وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ومجموعة أبوظبي للثقافة والفنون. تدور في المعرض، العين البشرية مع 76 لوحة فنية تختلف في أحجامها وأفكارها، أنجزتها 17 امرأة من نزيلات المركز وضحايا الاتجار بالبشر، لتبدو الرسوم متباينة في المحتوى والقيمة، وبالتالي متناسقة في الرؤية التي بدت واحدة، عبر طرح أفكار تدعو إلى بناء أسرة أو النصرة لحقوق المرأة والطفل، وغيرها من الأفكار. وفي كل لوحة معروضة ومعلقة على جدار المعرض عنوان ومقولة، وفق ما هو مدوّن عليها، كما حال لوحة «أمومة»، وهي عمل فني ل ش.ي (28 سنة)، من آسيا، يحمل مقولة «كم أتمنى أن يحين الوقت لأكون أماً»، ولوحة «فقدان الشعور بالانتماء»، العمل الفني لفتاة تُدعى ش.ف (21 سنة)، تقول فيها: «لا أنتمي إليهم ولكنني لا أستحق هذه المعاملة السيئة من جانبهم»، أو لوحة «طفولة»، ل أ.ف (11 سنة) من آسيا، ومقولتها «لكلٍ الحق في أن يعيش الطفولة». ثمة ما هو ملحّ في المعرض، وهو عدم ذكر أسماء الضحايا، حفاظاً على حياتهن من المجتمع الذي لا يقدرهن، كما تقول الفنانة جينيفر سايمون، المحترفة في الرسم والمشرفة على ورش عمل الفتيات الرسامات في «إيواء»، كفرصة للتعبير عن أنفسهن. وتتعدد الصور المعروضة والألوان، كالرؤوس الآدمية والعصافير والأصابع، مع كثرة صور وجوه الفتيات، الشقراوات منها والسمراوات، مع غلبة الجانب الطبيعي على الرسوم، كون الرسامات ينتمين إلى أعمار مختلفة باختلاف المهنة والموطن والتفكير وحتى اللون الذي بدا طاغياً، وبخاصة في اللوحات التي تنبذ العنصرية والطائفية والتمييز العنصري وتدعو إلى مجتمع من السلام والأمن. القيمتان الإنسانية والفنية وتقول سارة شهيل، المديرة العامة لمراكز إيواء لضحايا الاتجار بالبشر، إن «المعرض خاص بنزيلات المركز ومن إنتاجهن»، مؤكدة أنه فرصة للتعبير عن أنفسهن كما الرسم، ولا سيما أن الآثار النفسية التي تحملها كل نزيلة لا تُقاس إلا بالرسم. وترى شهيل أن المعرض فرصة لهن ليتقدمن ويتفاءلن بما هو آت، مع «فخرنا بهن وبما يملكن من مقدرات، يستفدن منها حين عودتهن إلى بلادهن». وبغض النظر عن الجانب الفني، تبقى القيمة الإنسانية للمعرض المقام في هيئة المنطقة الإعلامية بأبوظبي «توفور 54»، كبيرة، كون كل لوحة معروضة للبيع يذهب ريعها للمركز وضحاياه. رسالة ضحايا الاتجار بالبشر يحاول المعرض وضع جرائم الاتجار بالبشر على طاولة الحوار، وبث مزيد من التوعية ورفع المستوى الاجتماعي بشأن هذه القضايا، وزرع نوع من الأمل، في تعابير قد تكون صامتة، ولكنها تحمل الكثير من الأصوات. يذكر أن فئة كبيرة من المشاركات في المعرض، اختطفن بطرق متنوعة في الإمارات، واضطررن للعمل في مهن غير مقبولة اجتماعياً وقانونياً كالدعارة والسخرة وغيرهما، الأمر الذي جعلهن يسلمن أنفسهن للأمن، ثم الى المركز، قبل أن يصبحن ضحايا للاستغلال الجنسي في البلاد، بعد أن أعلن المركز رؤيته ليكون «مثالاً يُحتذى به عالمياً للمشاركة في الوصول إلى مجتمع خالٍ من كل أشكال العنف القائم على الجنس».