تحوّل القلق السياسي في لبنان نتيجة تقديم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته من الرياض قبل 13 يوماً والبقاء في العاصمة السعودية، إلى ترقّب موعد انتقال الحريري من الرياض إلى باريس ومنها إلى بيروت، على خلفية «المخرج الفرنسي» للأزمة القائمة. وكان النقاش السياسي في لبنان انحرف عن معالجة الأسباب التي أوردها الحريري في بيان استقالته، إلى التركيز على شكل تقديمها، إلى حد تأزيم علاقة لبنان مع المملكة العربية السعودية. وسأل أمس، رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط، في تغريدة له على «تويتر»: «متى الخبر السعيد؟». ودعا «لقاء الجمهورية» برئاسة الرئيس ميشال سليمان إلى «التهدئة على خط المملكة العربية السعودية- لبنان، وانتظار عودة الحريري، والعمل على تفادي توتير الأجواء بين البلدين الشقيقين، والبناء على معاني زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي التأسيسية، مع ما لهذه الخطوة التاريخية من إيجابيات تفيد الشعبين أيّا كان دينهم أو مذهبهم أو رأيهم السياسي». وتمنّى اللقاء «التعاطي مع استقالة الحريري بالكثير من الجدية، والنظر إليها من زاوية دستورية غير قابلة للتأويل، ومعالجة الأسباب الجوهرية التي أوصلت الحريري إلى ما وصل إليه، لمعالجتها بما يضمن تحييد لبنان عن الصراعات». وشدد على «ضرورة الاستفادة من الفرصة المتاحة بعد عودة الحريري إلى بيروت، للدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة والعمل السريع لتشكيل حكومة بشروط الدستور، تأخذ على عاتقها تصحيح علاقة لبنان المفترض عدم خروجه عن الإجماع العربي تحت أي ظرف». واعتبر وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون «أن قضية عودة الحريري والتجاذب الذي حصل باتا لا يصبان في خدمة قضية فريق 14 آذار السياسي، الصديق والقريب التقليدي من المملكة، والذي قدم ولا يزال تضحيات جمة، كما قدمت المملكة الكثير إلى لبنان دولة وشعباً». وقال إن «هذا التجاذب يتعارض مع الحاجة الماسة للدخول الفوري في صلب الحوار حول مسائل في غاية الدقة والجدية، ومنها الالتزام بثوابت جديدة وضمانات بتحييد لبنان وتجنيب دخوله في عين العاصفة، كما جاء في مواقف الحريري الأخيرة». ونبّه عضو المكتب السياسي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش عبر «المركزية» من أن «المعالجة السطحية للأزمة لن يساهم في الحل بل سيرتب تداعيات قد تفاقم الوضع». واعتبر أن «مجمل المواقف عن «احتجاز» الحريري في المملكة، لا يخدم المصلحة اللبنانية ويضر بعلاقة لبنان بأشقائه العرب»، مؤكداً أن «عودة الحريري مرتبطة حتماً بتفاهمات معينة ضمن الحراك الدولي الحاصل بين المملكة والدول الأوروبية». وتوقف عند «اجتماع وزراء الخارجية العرب الأحد المقبل الذي سيشكل محطة مفصلية للبنان الذي يجب أن يكون لوزير خارجيته موقف واضح وصريح مع الإجماع العربي، الذي يؤمّن المصلحة اللبنانية ويحميها من تداعيات عاصفة هوجاء تعصف بالمنطقة». وشدد أن على لبنان «أن يؤكد دعمه المملكة ضد الاعتداءات الإيرانية، وليس اعتماد سياسة النأي بالنفس فقط، أما إصرار الحزب على سياسته فيعني استمرار المشكلة، وعلى اللبنانيين أن يتحدوا بوجه هذه السياسة التي تخدم المصلحة الإيرانية». واعتبر «نداء الدولة والمواطنة» أن الأزمة الحالية «أعلنت فشلاً كان منتظراً لتسوية سياسية حملت في ثناياها ملامح صفقة غير ملائمة، والتي تم من خلالها انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية». وحذّر «من خطورة التلهي بنكايات سياسية صغيرة». وشدد على «أن مسؤولية رئيس الجمهورية الدستورية والوطنية تقتضي بحث أسباب الاستقالة وإيجاد آليات علاج لها، عبر الشروع باستشارات ملزمة تفضي لقيام حكومة قادرة على العمل من أجل تفكيك الدور الإقليمي لحزب الله، هذا الدور الذي يدمر علاقات لبنان بمحيطه العربي، ومن أجل عودة لبنان لتطبيق اتفاق الطائف والقرارات الدولية، وخصوصاً القرار 1701 بمندرجاته كافة». وحذّر «من مغبة استفزاز الدول العربية وافتعال أزمة في العلاقات اللبنانية- السعودية عبر تصريحات لا تستند في أحسن تقييم لها، إلا إلى تكهنات ساذجة، في الوقت يجول وزير خارجية لبنان المستقيل على عواصم العالم، منتحلاً صفة المتحدث باسم شعب لبنان، في حملة تتناغم مع سياسة إيران وميليشياتها في تصعيد الصراع والتدخل في الدول العربية الشقيقة، ما يعرض لبنان لأخطار وتحديات كبيرة». ماكين: للحريري دور مهم من أجل لبنان - أعرب السيناتور الأميركي جون ماكين عن «قلقه البالغ إزاء الحوادث في لبنان خلال الأسبوع الماضي»، لافتاً إلى أن « رئيس الحكومة سعد الحريري كوالده، خدم بلاده في مواجهة التهديدات الإرهابية والتدخل الأجنبي». ورأى ماكين أن « الشرق الأوسط لا يمكنه تحمل دخول لبنان في حالة من عدم الاستقرار السياسي والصراع في وقت تواجه فيه المنطقة تحديات كثيرة»، مشيراً إلى أن «للحريري دوراً مهماً يؤديه في العمل من أجل لبنان آمن وديموقراطي ومستقل»، ومؤكداً «أنني أتطلع إلى عودته في أقرب وقت ممكن».