تسعى باريس إلى عقد مؤتمر ل «مجموعة الدعم الدولية للبنان» في موعد تُجرى اتصالات لتحديده، إذ إن الجانب الفرنسي كان اقترح أن يكون في 22 الجاري، لكن مصادفته مع عيد استقلال لبنان صرفت النظر عنه. وتنتظر باريس لقاء اليوم في بون بين الرئيس إيمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، واجتماع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان المرتقب مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان غداً الخميس. وتتخوف باريس من التصعيد في لبنان والمنطقة، ومن تحوله حرباً، ما جعل الرئيس ماكرون يؤكد لولي العهد السعودي خلال لقائهما في مطار الرياض الخميس الماضي، أهمية استقرار لبنان وأمنه، إذ إن المسوؤلين الفرنسيين يرون خطورة في قيام لاعبين في المنطقة بتحركات عسكرية قد تتحول حرباً. وتنقل مصادر فرنسية مطلعة على الملف اللبناني عن مسوؤلين فرنسيين كبار، من بينهم وزير الخارجية جان إيف لودريان، قلقهم البالغ من التصعيد في الشرق الأوسط لاعتقادهم أن بإمكان هذا التصعيد أن يؤدي إلى ما حصل عام 2006 في لبنان، وهو ما لا حاجة إلى تكراره. وتقول المصادر إن أكثر من فريق في المنطقة يتجه إلى القيام بأعمال عسكرية ما، يمكن أن يتحول بسرعة من عمل عسكري إلى حرب. فالجميع في المنطقة من إسرائيل إلى الولاياتالمتحدة إلى جزء من الإيرانيين ودول أخرى في المنطقة، لديهم اتجاه لافتعال أعمال عسكرية (gesticulation militaire) في لبنان تتحول حرباً. وتعتقد المصادر إيّاها أن السياسة الأميركية ترتكز إلى جناحين. فالبيت الأبيض منقسم إلى جناح متمثل بمستشار الأمن القومي الجنرال هربرت ماك ماستر، الذي يؤيد تهدئة الأمور، والآخر يصب الزيت على النار للضغط على «حزب الله» ويتمثل بغاريت كوشنير صهر الرئيس الذي يشجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على ضرب «حزب الله». وتضيف المصادر: «ينبغي على المسوؤلين اللبنانيين أن يحذروا ويراجعوا المواقف من الحلف مع «حزب الله» الذي عندما يتحول إلى ميليشيا هجومية، يمثل ذلك تهديداً كبيراً لبلد يوافق على أن يكون هناك باستمرار ميليشيا تُخضعه للابتزاز وتضعفه في شكل كبير. وذكرت المصادر أن المسوؤلين اللبنانيين «يشكون منذ زمن طويل من ضعفهم إزاء ميليشيا «حزب الله» وكان عليهم تعزيز قدرات الجيش لتمكينه من أن يصبح أقوى من الحزب طيلة هذه السنوات». وقالت المصادر إن الدول الخليجية تشعر بأن الحريري قام بتسوية مع الطرف الآخر على رغم أنه لم تكن له الإمكانات لذلك، وهذا ما نبّهه منه مسؤولوها مرات عدة. ووصفت المصادر سياسة إيران في المنطقة بأنها «سياسة غزو ترتكز على احتقار العرب مع قناعة لديها بأن هناك فرصة عليها الاستفادة منها لتؤدي بالقوة إلى قيام نظام تكون إيران فيه القوة المهيمنة في المنطقة». وأضافت المصادر أن «عدداً كبيراً من تصريحات ومواقف الرئيس ميشال عون عكست قوة الروابط بين الرئيس اللبناني و «حزب الله»، لكن الرئيس عون لم يدرك خطورة ذلك في شكل واضح. وموقف عون من مسألة «حزب الله» وإيران مستغرب نظراً إلى تاريخ الرئيس اللبناني الذي يفترض أن يكون محرر لبنان، فيما هو يسلّم لبنان إلى إيران وسورية»، وفق المصادر الفرنسية التي شرحت مراراً ذلك للمسوؤلين اللبنانيين. وأوضحت المصادر أن «ما تقوله الإدارة الإسرائيلية لباريس أنه إذا تجاوزت قوة «حزب الله» مستوى معيناً بالحصول على إمكانات باليستية تسمح للحزب بالهجوم على مواقع إسرائيلية فإن إسرائيل ستضربه». وما تراه المصادر الفرنسية أن «قدرات الحزب اللبناني الباليستية تزداد بالعدد وبالنوعية. فالبرنامج الباليستي الإيراني الذي يصنّع في سورية ولبنان يستهدف إسرائيل وأيضاً دولاً عربية، والإيرانيون يتباهون بزيادة دقة صواريخهم ثم يقولون إنها صواريخ تقليدية وليست نووية. ولذا ترفض إيران التفاوض على البرنامج الباليستي. وباريس لا تريد أن يكون لبنان موضوع غزو من قبل إيران وسورية وأن تكون علاقات المسوؤلين فيه على تحالف إلى هذا الحد مع إيران وسورية، لتجنب الخطر والتصعيد في المنطقة».