لم تغِبْ رياح التغيير التي تشهدها دول في المنطقة عن جلسة افتتاح الملتقى السعودي – اللبناني، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري المكلف تصريف الأعمال وحضوره، وإلقائه كلمة في الافتتاح (راجع صفحة 7)، إذ أجمع المتحدثون خلالها على أهمية الإصلاحات وضرورتها لتعميم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول المنطقة. وركّزت الكلمات في افتتاح الملتقى في فندق «فورسيزونز» في بيروت، الذي شارك في تنظيمه مجلس الغرف السعودية، واتحاد الغرف اللبنانية ومجموعة «الاقتصاد والأعمال»، وحضره نحو 400 مشارك تقدمهم وزير التجارة والصناعة السعودي عبدالله زينل، ووزراء الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي والمال ريا الحسن ووزير الدولة عدنان القصار، على العلاقات الوثيقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية. وأكد زينل، أن لبنان «كان دائماً بوابة الشرق على الغرب»، واعتبر أنها «فرصة سانحة عظيمة، في ظل تحقيق العالم خطوات حثيثة نحو الاقتصاد المعرفي، لتتكاتف جهودنا لجعل مسيرة اقتصادينا نحو الاقتصاد المعرفي، أسرع وتيرة وأكثر كفاءة». وأعلن الرئيس التنفيذي لمجموعة «الاقتصاد والأعمال» رؤوف ابو زكي، أن الملتقى هذا العام «يكتسب دلالات بعيدة، أولها مستمد من استمراره ليحمل برهاناً على حرص البلدين وأوساط الأعمال فيهما في الحفاظ على هذه المناسبة التي تحولت، بفضل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، إلى إحدى مؤسسات العلاقات اللبنانية - السعودية. والدلالة الثانية المهمة تتمثل في انعقاد الملتقى في بيروت فيما المنطقة تتعرض لرياح تغيير عاصفة، تهز أوضاعاً قائمة منذ عقود وتمهد بالتالي لنشوء واقع جديد أفضل». ورأى أن المملكة «تيقّنت مع مرور السنين، من قوة النموذج الاقتصادي اللبناني واستقرار التشريع والأنظمة فيه، كما وثقت في مهارة اللبنانيين، وحبهم للعمل، وإخلاصهم للمملكة، فبُني على تلك الثقة كمّ كبير من التعاملات والمشاريع والاستثمارات المتبادلة حتى بات يمكننا القول، بوجود اقتصاد لبناني متكامل في المملكة (يعمل فيها نحو 150 ألف لبناني)، واقتصاد سعودي واستثمارات سعودية تشكل حضوراً بارزاً في الاقتصاد اللبناني، وتساهم في نموه وازدهاره». ولفت القصار، إلى أن المنطقة العربية «تمرّ في مرحلة مصيرية»، وقال: «فيما يتجه المزاج الاستثماري العام في بعض الدول إلى إعادة تقويم الأخطار تمهيداً لبناء القرارات الاستثمارية، لا شك في أن استثمار الفرص في المرحلة المقبلة يتطلب التحلي بإرادة قوية للإصلاح بمشاركة جميع فئات المجتمع، وفي مقدمهم القطاع الخاص والمؤسسات الراعية له المتمثلة في الغرف التجارية والصناعية واتحاداتها». وشدّد على «المسؤولية الأساسية للقطاع الخاص العربي في التصدّي لمتطلبات العدالة الاجتماعية وحاجاتها، وأهمية الربط بين الاستثمار والمسؤولية الاجتماعية، وبين التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية». ورأى أن «أيّا يكن مستوى الإصلاحات والدرجات التي ستصل إليها وتفاوتها في البلاد العربية، أؤكّد أهمية أن تكون أهدافها الأساسية في إتاحة المجالات والفرص للجميع من دون تمييز، كما في تأمين فرص العمل، وتحقيق النمو المتوازن والمستدام والقادر على المنافسة والتفاعل الحضاري». وأعلن رئيس مجلس الغرف السعودية الشيخ صالح كامل، أن «الاستثمار والإعمار عبادة، والعبادة تأخذ صفة الاستثمار في الرخاء والشدة، لا بل هي أكثر ضرورة في وقت الشدة». كما تمثل «التنمية المستدامة منهجاً سماوياً، ولا مفر لنا من القيام بالاستثمار للحصول على التنمية، ويشكل وجود الوفد السعودي الكبير اليوم برئاسة وزير التجارة عبدالله بن احمد زينل علي رضا، في مثل هذه الظروف التي يمرّ فيها بعض الأمة العربية، وفي ظل الجمود الذي يمرّ فيه لبنان، رسالة قوية موجهة من جانب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلى أن العلاقة بين البلدين مصيرية وثابتة ولا تؤثر فيها الأحداث السياسية والأزمات العالمية والاقتصادية». وقال: «كان مفترضاً التحدث اليوم في شؤون الاستثمار، لكن الظروف الحالية تدعونا إلى التحدث عن الاستقرار الذي يشكل الوسيلة الداعمة للاستثمار، لأنّ الأحداث السياسية تشكل المناخ المناسب للاستثمار، لكن محبة السعوديين بلبنان تجعل الاستثمار فيه دائماً سواء كانت الظروف مواتية أو لا». واعتبر زينل، أن «اجتماع رجال الأعمال من بلدينا يأتي في ظل ظروف عالمية وإقليمية بالغة التعقيد». ولفت إلى أن المملكة العربية السعودية «كانت في منأى عن هذه المحن، وأثبت شعب المملكة تلاحمه مع قيادته بكل أطيافه، ليثبت للعالم أجمع أن المملكة كانت ولا تزال صمام أمان في المنطقة». وأكد أن «الإجراءات والقرارات التي تبنتها المملكة في مجال الإصلاحات الاقتصادية، كان لها أثر فاعل في التخفيف من الأزمات الاقتصادية التي مرّت فيها دول العالم في السنوات الماضية». واعتبر أن «الإصلاحات التي اتخذتها المملكة ما كان ليُكتب لها النجاح لولا ثقة الشعب عموماً، والفاعليات الاقتصادية خصوصاً في القرارات التي اتخذتها الدولة وتفاعلهم معها لحل المشاكل الاقتصادية». وبعد الافتتاح، كرّمت المجموعة شخصيات تقديراً لإنجازات ومبادرات في تطوير العلاقات الاقتصادية بين السعودية ولبنان، وضمّت لائحة المكرمين، الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة بوصفها نائب رئيس مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية، والشيخ عبدالله باحمدان رئيس مجلس إدارة «البنك الأهلي التجاري السعودي»، والمهندس معتز الصواف الرئيس التنفيذي لشركة «مواد الإعمار القابضة»، والشيخ فهد العذل رئيس المجموعة السعودية للاستثمار، والمهندس نعمة افرام الرئيس التنفيذي لمجموعة «اندفكو» الصناعية.