تواصلت المساعي والاتصالات التي يبذلها عدد من المسؤولين اللبنانيين لمعالجة أزمة ابناء الجالية اللبنانية العالقين في ابيدجان والبحث عن السبل الكفيلة لتأمين عودتهم الى لبنان. وأفادت معلومات عن تعرض لبنانيين اثنين الى اصابات في اعمال العنف التي تشهدها ساحل العاج. وفي حين انشغل رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري بمواكبة الموضوع، اطلع الرئيس ميشال سليمان من وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال علي الشامي في قصر بعبدا أمس على تفاصيل التحرك الذي تقوم به الدولة اللبنانية من أجل حماية اللبنانيين هناك وتأمين سلامة خروج من يرغب منهم، مشدداً على أهمية متابعة الوضع على مر الساعة من أجل طمأنة ابناء الجالية في أبيدجان وأهاليهم في لبنان. واجرى الحريري اتصالاً بالعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني وبحث معه في امكان مساهمة الكتيبة الاردنية العاملة في اطار قوات الاممالمتحدة في حماية اللبنانيين المقيمين في ساحل العاج والمساعدة في اجلاء من يرغب منهم. وكان اتصل مساء اول من امس بالامين العام للامم المتحدة بان كي مون، وبحث معه الاجراءات التي يمكن قوات الاممالمتحدة في ساحل العاج القيام بها للمساعدة في حماية اللبنانيين في ابيدجان والمساهمة في اجلاء من يرغب منهم في ذلك. وشكل الحريري فريق عمل ليبقى على تواصل مع السفير اللبناني في ساحل العاج علي عجمي ورئيس الجالية وأركانها. وأفادت مصادر متابعة بأن الحريري تداول مع الامين العام للامم المتحدة في تأمين ممر آمن بطول عشرة كيلومترات لجمع ثمانية آلاف لبناني يرغبون في مغادرة ابيدجان، في مخيمات الاممالمتحدة، ثم نقلهم الى مرفأ ابيدجان حيث هناك 3 بواخر جاهزة لنقلهم الى اكرا في رحلة تستغرق نحو 24 ساعة، على أن تتولى طائرات «ميدل ايست» اعادتهم من أكرا الى بيروت، في حين يتوقع أن يتم اجلاء مئات اللبنانيين الموجودين في مخيم الوحدة الفرنسية والحاصلين على الجنسية الفرنسية، مع ابناء الجالية الفرنسية في ابيدجان. وقبل مغادرته الى انقرة عصر امس للقاء رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان والمسؤولين الاتراك، تبلغ الحريري من السفير الفرنسي دوني بييتون ومكتب بان في بيروت ان مطار ابيدجان صار في عهدة القوات الفرنسية، وأنه سيتم استئناف الرحلات التجارية خلال 24 ساعة، وأن الجهة المولجة بضمان امن المطار وسلامته في ابيدجان تتولى الاتصالات مع شركات التأمين التي تفرض الحصول على ضمانات امنية قبل السماح بهبوط الطائرات في المطار. وفي انتظار الحصول على المعلومات النهائية من الفرنسيين، كلف الحريري الامين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء يحيى رعد والمهندس فادي فواز الانتقال فوراً عندما تسمح الظروف الى ابيدجان للإشراف على عملية اجلاء الرعايا اللبنانيين الراغبين في العودة الى لبنان عبر المطار في ابيدجان، في حين يعود من يرغب عبر اكرا في غانا. الى ذلك، تبلغت وزارة الخارجية من عجمي ان نحو 85 لبنانياً غادروا ابيدجان على متن طائرات عسكرية فرنسية ووصل 35 منهم الى السنغال فيما وصل الباقون الى لومي - عاصمة توغو. وبحث الشامي مع بييتون في موضوع المساعدة الفرنسية في تسهيل مغادرة اللبنانيين ابيدجان، وقال بييتون ان «القوات الفرنسية لا تقوم بالاجلاء الجبري للفرنسيين المقيمين في ابيدجان وسواهم، بل ان القوات الفرنسية تقوم بتجميع من يرغب في المغادرة منهم ارادياً بهدف نقلهم». وأوضح «ان الجالية الفرنسية حالياً يبلغ عددها نحو 12 الف شخص بعدما غادر نحو ثلاثة آلاف قبل الاحداث الاخيرة، اما اللبنانيون فعددهم يفوق الفرنسيين بكثير اذ يتراوح عددهم ما بين 70000 و80000، والفارق ايضاً يكمن في ان هذا العدد من اللبنانيين موزع على مختلف أحياء ابيدجان بينما الفرنسيون يتمركزون في أحياء معينة». وأشار الى أن الشامي طلب منه مواصلة دعم لبنان في جهوده هذه «ونحن بالتأكيد مستعدون لذلك». وعما يتوقعه عن الوضع في ابيدجان قال: «القوات التابعة للرئيس وترة اصبحت محيطة بالمقر الرئاسي، وهي في صدد تعزيز وتنظيم نفسها، لكن المشكلة هي مشكلة اعمال السطو والنهب، وهذا الامر يمكن ان يهدد حياة الناس، كل الاجانب الموجودين هناك». ونصح «الموجودين في أبيدجان بملازمة منازلهم وتجنب التجول وانتظار ما ستؤول اليه الاوضاع». الى ذلك، دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، في تصريح امس، الجهات المختصة إلى «الإسراع في معالجة مشكلة اللبنانيين المحاصرين والمتضررين في ساحل العاج وخصوصاً في أبيدجان». وأسف قباني ل «الأضرار التي لحقت باللبنانيين جراء الصراع السياسي والعسكري في ساحل العاج»، مثمناً «الجهود التي قامت بها الحكومة اللبنانية والاتصالات التي أجراها كبار المسؤولين مع الجهات الأفريقية والعربية والدولية لإنقاذ اللبنانيين ومساعدتهم على العودة إلى وطنهم آمنين مطمئنين»، وداعياً أصدقاء لبنان الى «احتضان قضية اللبنانيين المحاصرين بسبب الحروب الدائرة في ساحل العاج».