تواصلت المعارك أمس الجمعة بين الثوار والقوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي قرب منطقة البريقة النفطية شرق البلاد حيث ظهرت بوادر إلى نية الثوار حسم المعركة بعدما استقدموا أسلحة ثقيلة إلى خطوطهم الأمامية، بينما تعرقل الأحوال الجوية السيئة منذ أيام الغارات الجوية التي ينفّذها التحالف الدولي الذي أفيد على رغم ذلك انه شن هجمات جديدة ضد قوات القذافي قرب البريقة. وجاء ذلك في وقت أفادت مصادر الثوار أن اشتباكات دارت أمس بين الثوار وكتائب القذافي في مدينة مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية والواقعة إلى الشرق من طرابلس. وأشار موقع «ليبيا المستقبل» إلى أن قوات الزعيم الليبي حاولت الدخول إلى مصراتة من الطريق الساحلي عبر ما يُعرف بمركز النقل الثقيل. وأضاف أن «الثوار يتصدون لهم ببسالة». وأكد الأمر نفسه ناطق باسم المعارضة قال لوكالة «رويترز» إن قوات موالية للقذافي تشن قصفاً مدفعياً عنيفاً على المدينة في حين يهاجم مقاتلوه المتاجر والمنازل في وسط المدينة. وقال الناطق واسمه سامي ل «رويترز» عبر الهاتف: «استخدموا دبابات وقنابل يدوية وقذائف مورتر وقذائف أخرى لقصف المدينة اليوم (أمس). كان قصفاً عشوائياً وعنيفاً للغاية ... لم نعد نميّز المكان فالتدمير لا يمكن وصفه». وتابع: «الجنود الموالون للقذافي الذين دخلوا المدينة عبر شارع طرابلس ينهبون المكان... المتاجر وحتى المنازل... ويدمرون كل شيء». وأضاف: «انهم يستهدفون الجميع ومنازل المدنيين. لا أعرف ماذا أقول... الله معنا». ولوحظ أن العاصمة طرابلس كانت قد شهدت اطلاق نار قبل الفجر من دون أن تتضح الأسباب. إذ نقلت «رويترز» عن شهود أن أصوات إطلاق نار كثيف من أسلحة آلية ترددت في وسط العاصمة قبل فجر الجمعة. وأضاف الشهود أن إطلاق النار استمر لنحو 20 دقيقة وتوقف قبل بزوغ الفجر. وسُمعت أصوات سيارات تسير في شوارع وسط طرابلس. وتُعتبر طرابلس معقلاً للزعيم الليبي معمر القذافي الموجود في مجمع باب العزيزية الشديد التحصين بوسط المدينة الساحلية. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن طبيب أن غارة لقوات التحالف استهدفت قافلة لمؤيدي العقيد القذافي تتجه إلى منطقة يسيطر عليها الثوار أدت إلى مقتل سبعة مدنيين وجرح 25 آخرين. وقال الطبيب سليمان ريفاردي إن الغارة وقعت يوم الأربعاء في منطقة زاوية العرقوب التي تبعد 15 كلم عن البريقة. وضربت الغارة شاحنة تحمل ذخائر أدى انفجارها إلى تدمير منزلين قريبين. وأوضح الطبيب أن أعمار جميع القتلى تتراوح بين 12 سنة و20 سنة. وأعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تسلّم المهمة من التحالف الدولي بدءاً من الخميس، أنه سيحقق في مزاعم سقوط الضحايا المدنيين. وكان خط الجبهة بين الثوار وقوات القذافي انتقل صباح الجمعة إلى محيط منطقة البريقة، لكن الصحافيين مُنعوا للمرة الأولى من الاقتراب من المنطقة من جهة أجدابيا، بحسب ما قال مراسلو وكالة «فرانس برس». وفُرضت قيود للمرة الأولى على الدخول إلى منطقة الجبهة حيث منع الثوار الصحافيين والمدنيين من المرور من مدخل أجدابيا الغربي إلى خط الجبهة. وأفاد مراسل «فرانس برس» أن خط الجبهة كان صباح أمس على بعد أربعين كيلومتراً تقريباً غرب أجدابيا التي تبعد 80 كلم شرق البريقة. لكن تعذّر على الفور الحصول على معلومات من مصدر مستقل حول من يسيطر على البريقة التي تبعد 800 كلم إلى الشرق من طرابلس. وذكرت وكالة «رويترز» من موقع قريب من جبهة البريقة أن الثوار دفعوا أمس بأسلحة ثقيلة استعداداً لكسر الجمود الذي يسود المعارك بعدما فشلوا في الأيام الماضية في طرد قوات القذافي في هذه البلدة النفطية. وجاء القائد العسكري للثوار اللواء عبدالفتاح يونس بنفسه إلى الجبهة للإشراف على المعركة. وأشارت الوكالة إلى أن كانت هناك أمس مؤشرات إلى أن الثوار يستعدون لاستعادة المبادرة، بعدما أعادوا تنظيم صفوفهم غير المنظّمة، كما دفعوا بمنصات لإطلاق الصواريخ ومعدات أخرى غرباً في اتجاه جبهة القتال. وقالت إن الثوار بدأوا بإطلاق النار في الهواء احتفاء بوصول اللواء يونس إلى نقطة تفتيش تابعة لهم خارج البريقة. وانطلق يونس من هناك على رأس قافلة من المقاتلين إلى الخطوط الأمامية. وعلى الطريق من أجدابيا إلى البريقة تولت حواجز الثوار التدقيق في هويات مدنيين ليبيين يتجهون إلى الجبهة للالتحاق بالمعركة. وذكرت الوكالة أن مراسلها شاهد الخميس 10 شاحنات تنقل عربات مزودة براجمات صواريخ في طريقها من بنغازي إلى أجدابيا. وتسيطر قوات القذافي حالياً على سلسلة من البلدات النفطية مثل راس لانوف والسدر بعدما استعادتها قبل أيام من الثوار الذين تقدموا في اتجاه سرت، مسقط رأس القذافي. وصرح قائد الجيوش الأميركية مايك مولن، أول من أمس، بأن «المشكلة الكبرى (لدى التحالف) هي الطقس في الأيام الثلاثة أو الأربعة الفائتة». وأوضح أن «هذا العامل أدى أكثر من أي شيء آخر إلى تقليص وليس إلغاء فعالية» الطائرات المكلفة تنفيذ الضربات حيث «تعذّر عليها أحياناً رؤية الأهداف بدقة». وأضاف أن الأحوال الجوية سمحت لقوات القذافي بشن هجومها المضاد نحو الشرق مع تمدد خطوط قتال الثوار. وعلى الصعيد الإنساني تمكنت سفينة وافدة من مالطا وتنقل 150 طناً من المساعدات الطبية والغذائية الخميس من تقديم المساعدة لسكان مصراتة التي تحاصرها قوات القذافي منذ أكثر من 40 يوماً، بحسب مراسل ل «فرانس برس» على متنها. وعلق حوالى سبعة آلاف شخص غالبيتهم من الدول الأفريقية في المدينة حيث يمكثون في ملاجئ عشوائية.