خيمة أوقدَ محمد البوعزيزي صباحَ يوم شتائي في «سيدي بو زيد» خيمةً من نار ودعا إلى قِراها شعوبَ وقبائلَ الصحراء العربية... الواحدةُ تلو الأخرى صارت تَفِدُ إلى نارها على قوافلَ من الجِمال المعبّدةِ بالنفطِ والعاقول... خيمةٌ فسطاطُها عمودُه الفقري وأديمُها أديمُه ارتفعتْ مثل عمودٍ من نارٍ، أما هو فقد امتدَّ صامتاً كصحراء. تُرى هل كان يظنُّ أن نارَهُ أكثرَ اخضراراً وعطاءً من كل مُروجِ البقول والقمحِ والزيتونِ في تونس. عربة في الميثولوجيا الرومانية على خُيولٍ ناريّة يقودُ جوبيتر عربةً سماويةً تحمل الشمسَ من الشرقِ إلى الغرب، لكن فارساً ناريّاً وضَعَ الشمسَ العربية الغاربة فوق عربةٍ للبقول ليقودها من الغربِ إلى الشرق. قال إنَّ القبرَ ليسَ مكاناً، إنّ الأرومةَ لا تُرضِعُ إلاّ أخوّةَ السديم، إنّ الدهرَ في أوقيانوس الحكمةِ سمكةٌ إنّ اللاإرادة تصنعُ المستحيل وإنّ الله يركل أحياناً بحذاء شرطي وجبة [البوعزيزي ملفوفاً بضمّادّات بيضاء فوق سريره في المستشفى وبن علي يعودُه...] بن: أهذا هُو محمد: مَنْ بن: أنا محمد: كيف وجدتَ الطريقَ من الأنا إلى ال هو بن: ........... محمد: ما طعمُ النارِ التي تأكُلني بن: ........... محمد: ولكنكَ تأكُلُها كُلًّ يوم منذ سنين بن: ........... محمد: لقد أردتُ أن أُطعِمَكَ هذا الجسدَ كآخر وجبةٍ من نار مثنّى غَفرٌ من الآلهةِ العتيقة شربتْ الأنهارَ والبحيراتِ والأمطار لحستْ حتى ملحَ العظام لكنها لم تذقْ طعمَ النار التي تنبعثُ من حرائقَ الغاباتِ بين ظهرانينا، عبرتْ من «القصرين» إلى «الصنمين» لم تُبقِ على قصرٍ أو صنمٍ في طريقها هي أمّنا العاقر، اختارت المثنّى ثوباً لها، لأنها الوحيدة التي ترتديه، هذه النار العربيّة. دخان أخطأنا الطريق خرجنا من الدخانِ إلى الضوء وخرجتَ أنتَ من الدخانِ إلى الدخان كيف فاتَنا منذ ليلِ التكوين أن الطريقَ نيزكٌ أسود/ في كعبة سوداء لا معولَ، لا نار لا زلزال ينتشلُها من رُكامِ الأقداس إلّا هذا الدخان. حوذيّ كلّما أدركنا محطّة قُلنا لم نصل ومضينا إلى أخرى. هذا الجسدُ لا يُحبُّ النهايات، ألهذا أحرقتَهُ لتكون حوذيّاً ميّتاً يقودُ عربةً لا يستقلُّها إلّا من يريد الوصول. ثنائية أنتَ في ال أين أنا في ال هنا هل هو اللقاء الدائم. أنا أحترقُ أنتَ تكتبُ لا أحد يُصدّقُ ذلك إلّا أنت. أنا أتذكّرُ أنت تَمحو أهوَ الفرقُ بين الأرض والسماء حيثُ أنت. سؤال البروقُ آثارُ خُطواتِ عابرٍ سماوي في ليل؛ - مَنْ الطارق؟ الليلُ كاهنُ لا يُصلّي إلّا إلى نفسهِ؛ - مَن المريد؟ أنتَ طائرٌ ناريٌّ فرَّ من فراديسِ الجسد، - مَنْ أنا؟ ترنيمة زهرةُ الياسمين ليلةٌ لا تنام بين ماءٍ وطينْ خفقةٌ في السلالْ ودمٌ في اليقين بتلةٌ من جَوًى بتلةٌ من جنونْ ثمَّ تمضي السنونْ في غدٍ تُصبحينْ جمرةً في اليدينْ زَهرةَ الياسمينْ.