فوجئت حكومة رجب طيب أردوغان أمس، بقرار المجلس الأعلى للقضاء إقصاء زكريا أوز، قاضي التحقيق في قضية تنظيم «أرغينيكون» الانقلابي، وتجريده من صلاحياته الخاصة في الترقيات والتعيينات الجديدة. ورُقِّي أوز لمنصب مساعد مدعي عام إسطنبول، لكن الترقية أبعدته تماماً عن ملف القضية الذي تولاه منذ نحو ثلاث سنوات. ولم يخفِ سخطه إزاء القرار الذي «أدهشه»، مشيراً الى انه «فوجئ به»، كما اعترض على القرار «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، إذ اعتبر بكير بوزداغ نائب رئيس كتلته البرلمانية إن «تغيير مدعي التحقيق في هذا الوقت قد يضرّ بسير القضية، وتغيير مكان عمل مدعي النيابة من دون استشارته، غير مقبول». وكان أوز أثار انتقادات في أوساط حقوقية وإعلامية، بعدما أمر أخيراً باعتقال صحافيين، من دون إبراز دليل الاتهام بحجة سريته، إضافة الى أمره بإتلاف مسودة كتاب كان يعمل لنشره الصحافي المعروف أحمد شيق، ويتناول فيه علاقة الحكومة بجماعة فتح الله غولان وتغلغلها في الأمن والقضاء. كما أمر أوز باعتقال عشرات من الجنرالات والضباط في الجيش، بتهمة انتمائهم الى «أرغينيكون» وتخطيطهم لانقلاب عسكري على حكومة أردوغان. أتى ذلك بعدما خاضت الحكومة سجالاً قوياً مع الهيئة السابقة للمجلس الأعلى للقضاء، من أجل تثبيت أوز في مركزه وإشرافه على سير القضية، على رغم محاولة المجلس نقله بسبب انتقادات كثيرة وُجهت إليه، تتهمه بتجاوز صلاحياته والتعسف في توجيه الاتهامات وطريقة توقيف المتهمين وإصراره على إهانتهم وتسريب محاضر التحقيق معهم إلى الصحافة المقرّبة من الحكومة وجماعة فتح الله غولان. واضُطرت حكومة اردوغان الى تعديل الدستور لتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء وطريقة تشكيله، لينتخب أعضاؤها جميع القضاة والمدعين، بدل ان يحتكر ذلك قضاة محاكم التمييز المتهمون بالانتماء الى التيار الأتاتوركي العلماني. ورحّبت الحكومة بالمجلس الجديد الذي انتُخب نهاية العام الماضي، لكن قراره تنحية أوز سبّب صدمة لها، اذ عزت محاولات الهيئة السابقة للمجلس نقل أوز الى حرص الأتاتوركيين على تبرئة العسكريين، وليس رداً على تصرفاته. في المقابل، رحّب «حزب الشعب الجمهوري» المعارض بقرار المجلس، معتبراً أن «قضية بمثل هذه الحساسية يجب أن يتولاها مدع عام محايد، ولا يسعى الى الانتقام».