بعد انتقادات كثيرة وجهتها أوساط سياسية وإعلامية لحملات اعتقال صحافيين متهمين بالانتماء الى تنظيمات انقلابية وإرهابية، اضطر مدعي عام محكمة اسطنبول الخاصة زكريا أوز، الذي يرأس التحقيق في قضية تنظيم «أرغينيكون» الانقلابي، للدفاع عن نفسه وفريقه أمام الإعلام. وأصدر أوز بياناً أعلن فيه إن الاعتقالات لا علاقة لها بالنشاط الاعلامي للصحافيين، بل جاءت بناءً على تُهَم جنائية بحتة، وهذا ما دافع عنه وزير العدل سعدالله أرغيل، الذي أشار الى أن التهم الموجهة للصحافيين «جنائية، ولم يُعتقلوا بسبب مقالاتهم». أما وزير الداخلية بشير أتالاي، فلفت الى أهمية حرية الرأي والتعبير بالنسبة الى أي نظام ديموقراطي، لكنه استدرك أن «هذه الحرية لا تشمل حرية ارتكاب الجرائم أو مخالفة القوانين. من الظلم تعرّض الحكومة لمزاعم بإسكاتها صوت الصحافة أو حدّها من حرية الصحافة». أتى ذلك بعد انضمام الرئيس عبد الله غل ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو الى المحذرين من أن تشوِّه هذه الاعتقالات سمعةَ الحريات والديموقراطية في تركيا. تزامن ذلك مع قرار أصدره قاضي محكمة إسطنبول الخاصة باعتقال 5 صحافيين جُدُد على ذمة القضية، في مقدمهم الصحافي المخضرم يالتشن كوتشوك الذي كان اعتُقل سابقاً على ذمة القضية ذاتها، ثم أُفرج عنه حينذاك لعدم كفاية الأدلة. ويعود كوتشوك مجدداً الآن الى السجن في القضية ذاتها، ولكن بتهمة زعامته تنظيم «أرغينيكون» المتهَم بالتخطيط لانقلاب عسكري ضد حكومة «حزب العدالة والتنمية». واحتج محامو كوتشوك على إصرار القاضي على اعتقال موكلهم خلال فترة المحاكمة، على رغم تقدمه في السن وكونه شخصية معروفة في المجتمع، مشدِّدين على بطلان الاتهامات، اذ تستند الى رسالة إلكترونية تحوي ملفاً يتضمن تعليمات وخططاً انقلابية. والقانون التركي لا يعتبر رسائل البريد الإلكتروني أدلة، كما يمكن زرع هذا الملف بطريقة ما في جهاز كومبيوتر أيِّ شخص، من خلال إرساله من برنامج متطوّر بوصفه فيروساً. في المقابل، وعلى رغم الانتقادات والاتهامات التي تلاحق «حزب العدالة والتنمية» في شأن سيطرته على القضاء والأمن، لفت الانتباهَ إعلانُ المدعي العام في أنقرة محمد يوجه صوي استقالته من منصبه من أجل الترشح عن الحزب الحاكم في الانتخابات الاشتراعية المقررة في حزيران (يونيو) المقبل، وهي المرة الأولى التي يتخلى فيها رجل قانون يتولى منصباً مشابهاً عن عمله ومنصبه من أجل الترشح للانتخابات. وأثار ذلك مزيداً من الانتقادات للحزب الحاكم، اذ اعتُبر مؤشراً الى تقارب الحزب مع رجال القضاء ووجود رابط قوي بينهما.