فشلت جهود المحققين في منع نشر كتاب «جيش الإمام»، الذي يتحدث عن انتشار جماعة فتح الله غولان في مفاصل الدولة التركية وعلاقاتها بحكومة رجب طيب أردوغان ذات الجذور الإسلامية. فعلى رغم إتلاف كلّ مسوَّدات الكتاب والتحفظ على النسخة الأصلية للكاتب الصحافي أحمد شيق، الذي اعتُقل بتهمة الانتماء الى تنظيم «أرغينيكون» الانقلابي، نشر مجهولون نسخة من الكتاب على الإنترنت، سجّلت رقماً قياسياً في سرعة الانتشار، اذ قام أكثر من 9 آلاف شخص بتحميل النسخة خلال 3 ساعات فقط. وأُنشئت مواقع الكترونية لتحميل الكتاب، نُشرت أجزاء منه على موقعي «فايسبوك» و«تويتر»، وذلك في تحدٍّ واضح لقرار محكمة يؤكد أن كلّ من يُضبط الكتاب معه سيُعتبر شريكاً في التنظيم الانقلابي وعضواً فيه. وأكد الصحافي أنغين آيضن، المقرّب من شيق، أن النسخة التي نُشرت على الإنترنت هي تلك الأصلية التي كتبها شيق وأرسلها إليه ليطّلع عليها ويبدي رأيه فيها قبل نشرها. واعتبر صحافيون نشرَ الكتاب على رغم قرار المحكمة، انتصاراً لحرية الصحافة والتعبير، وتحدياً لقرارات المحكمة التي تنظر في القضية بحبس الصحافيين والتحفظ على كتاباتهم، وتتمة لخطوة مهمة تمثّلت في إقصاء مدعي التحقيق في قضية «أرغينيكون» زكريا أوز ورفاقه، والتي تبعتها خطوة مهمة أخرى تمثّلت في كتابة رئيس المحكمة التي تنظر في قضية «أرغينيكون» رأيَه الرسمي، الذي يعترض على سير القضية وما يُتخذ فيها من إجراءات، وتحديداً في ما يتّصل بالإصرار على اعتقال الصحافيين ومَن ألّفوا كتباً يكشفون فيها علاقات الجماعات الاسلامية بأجهزة الأمن والقضاء. وفي كتاب رسمي بدا صرخةَ اعتراض مدوية ومفصّلة على قرارات محكمته التي يشاركه في اتخاذ قراراتها قاضيان آخران، أشار القاضي شرف أقشاي الى أن الادعاء والمحكمة يهملان جمع الأدلة التي تُعتبر في مصلحة المتهمين، أو حتى التثبّت من أقوالهم أو البحث فيها، ويرفضونها في شكل آلي، مضيفاً أن تهماً كثيرة تناقض بعضها وغير منطقية، كما استخدم عبارة مثيرة، قائلاً: «ما يحدث أبعد ما يكون عن العدالة ويئنّ له الضمير». وفي هذا الإطار، تواصلت ردود الفعل على قرار المجلس الأعلى للقضاء بتنحية أوز ورفاقه عن القضية التي تولوا التحقيق فيها منذ بدايتها قبل نحو أربع سنوات وبصلاحيات واسعة، إذ أكد وزير العدل سعد الله أرغيل أن «الحكومة لن تسمح لأحد بأن يمسّ شعرة من المحقق أوز، وحمايته ستستمر من أجل الحفاظ على حياته». وفيما رحّبت المعارضة بقرار المجلس، استدرك «حزب الشعب الجمهوري» المعارضُ موقفه، خصوصاً أنه لم يتضح بعد أيُّ مدعٍ سيباشر القضية بعد ذلك. وأعلن الحزب في بيان أن «المدعي الحقيقي في هذه القضية لم يتغيّر، وهو رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وذلك لن يتغيّر إذا ذهب أوز وعَيّن أردوغان آخر بدلاً منه». في غضون ذلك، لفت الانتباهَ إرسالُ فتح الله غولان زعيم جماعة النورسيين والمقيم في الولاياتالمتحدة منذ نحو 13 سنة، رسالة أشار فيها الى خطأ حبس الصحافيين وحظر الكتب، معتبراً أن ذلك لا يخدم الديموقراطية، وهذا ما جعل كثراً في تركيا يراجعون مواقفهم ويتساءلون هل أتى قرار المجلس الأعلى للقضاء بتنحية أوز بسبب تجاوزاته القانونية وتطرّفه في التحقيق، أم أن ما حصل كان «حركة تصحيحية» نفذتها أوساط قضائية قريبة من الجماعة الدينية التي تساند أوز، للتخلّص منه بعدما اعتُبر ورقة محروقة تستدعي كلّ تصريحاته وتصرفاته انتقادات وردود فعل، وإبداله بشخص جديد يواصل النهج ذاته لكن بأسلوب مختلف.