أكدت الجمعية العمومية ل «الحزب التقدمي الاشتراكي» التي عُقدت في فندق «بوريفاج» أمس، ان الوسيلة الوحيدة لمعالجة موضوع السلاح هي الحوار الواضح العقلاني ضمن هيئة الحوار بعد تشكيل الحكومة، وأكد البيان الختامي الذي تلاه أمين السر العام للحزب المقدم شريف فياض موقع الحزب في الدفاع عن العروبة والعلاقات الطيبة مع سورية. وجدد رئيس الحزب و «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط في كلمة له على ضرورة العودة الى طاولة الحوار بعد تشكيل الحكومة. وقال: «استعرضنا الأزمات الكبرى التي مرت على لبنان، حتى إننا عدنا إلى موضوع الهجوم على قناة السويس آنذاك، وما جرى في تلك المرحلة من أزمة في البلاد، وكانت تعالج الأمور بالحوار. وبعد تشكيل الحكومة أؤكد العودة الى هيئة الحوار الوطني»، وأضاف: «لا نستطيع أن نبقى في هذا الانقطاع بين الأفرقاء وبين الأحزاب والطوائف. علينا أن نعود ونتحدث مع بعضنا بعضاً كي نعالج الأمور بكل هدوء». وأفادت مصادر في الحزب ل «الحياة» بأن أبرز ما جاء في مداخلة جنبلاط في الجمعية العمومية دار حول موقف الحزب في المرحلة الماضية والانعطافة التي نفذها في 2 آب (أغسطس) 2009، وقال جنبلاط وفق المصادر: «هذا الموقف كان مهماً وضرورياً لمحو آثار 7 و11 أيار وأنا مستمر بهذا الخط وعن قناعة. وأعرف أن هناك انتقادات لمواقفي، لكنني متمسك بهذا الخط حتى لو بقيت لوحدي». ورفض جنبلاط «استخدام السلاح في الداخل، هذا السلاح موجه ضد العدو الإسرائيلي لحماية لبنان»، وأضاف: «شيء جميل ما سمعته في 13 آذار، وكل واحد يتمنى أن يحكي هذا الكلام، لكن ما هو الحل؟ هذا يتطلب مقترحات عملية نتحاور حولها». ودعا «بعد تشكيل الحكومة الجديدة» الى «العودة بسرعة الى طاولة الحوار». كما دعا الى «اعتماد الخطاب الهادئ والمنفتح وعدم تأجيج النفس الطائفي والمذهبي». وانتقد قول رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون إن الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري هو شهيد عائلته وليس شهيد لبنان، وقال جنبلاط: «كنا بغنى عن هذا الكلام»، ولفت الى انه سيأتي «اليوم الذي سأحكي فيه بالتفصيل عن القرارين (5 أيار) وخلفياتهما». وأكد أن «أميركا ترعى مخطط الفتنة في المنطقة، وتثير النعرات لخلق الفوضى والصراعات المذهبية، وهذا واضح من حولنا»، داعياً الى «استيعاب الشباب واستقطابهم والتوجه إليهم بلغة جديدة». ورأى أنه «يجب تطعيم المجلس القيادي في الحزب التقدمي بالشباب»، لافتاً الى أن معدل الأعمار في الجمعية العمومية لا يفترض أن يتجاوز الخمسين. وأكد أنه «مع الإسرع في تشكيل الحكومة»، مشدداً على أنه «ضد أي توجه يشتم منه نفس انتقامي أو كيدي من أحد». وأشار الى أنه زار الرئيس السوري بشار الأسد «وفتحت معه صفحة جديدة»، لافتاً الى أن «ما يحصل في سورية يجب أن يستوعب بإصلاحات وهذا ما عرضته مستشارة الرئاسة السورية للشؤون الإعلامية والسياسية بثينة شعبان ويجب أن يطبق بسرعة»، وقال: «لا مصلحة لنا إلا بالاستقرار في سورية». وتحدث جنبلاط عن العلاقة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وقال: «يجب أن نحكي خطاب تهدئة»، مكرراً رفضه استخدام السلاح في الداخل، ومؤكداً أن «الحل ليس بتبادل الخطابات والتحدي». وأشار البيان الختامي للجمعية العمومية الى أن الجمعية ناقشت «التقرير السياسي الذي فصَّلَ أبرز المفاصل التاريخية»، مشيراً الى أن الحزب «في كل المحطات التاريخية، من رفض الأحلاف الأجنبية وثورة 1958 إلى مواجهة الاحتلال الإسرائيلي عام 1982 وإسقاط اتفاق 17 أيار عام 1983 مروراً باتفاق الطائف عام 1989 حتى رفض القرار 1559؛ كان دائماً في موقعه الطبيعي أي موقع الدفاع عن العروبة وعن العلاقات المميزة مع سورية وهذا جاء في اتفاق الطائف الذي أُقر بشراكة ورعاية سورية - سعودية، ونحن متمسكون به». وأضاف أن الجمعية استعرضت «المراحل الأخيرة خصوصاً مرحلة الانقسام العمودي بين اللبنانيين وبين فريقي 8 و 14 آذار، وخروج الحزب من هذه الثنائية بعد إجراء قراءة نقدية شاملة لكل معطيات المرحلة السابقة لا سيما مرحلة قراري 5 أيار الشهيرين وأحداث 7 أيار التي تلت، والقرار الكبير الذي اتخذناه منذ ذلك التاريخ بالتسوية والحوار وحماية السلم الأهلي. فكانت المصالحة مع حزب الله واللقاء مع الرئيس بشار الأسد، وفتح صفحة جديدة في تاريخ الحزب وموقعه وموقفه. ولقد أكدت الجمعية العامة الانعطافة السياسية التي حصلت في الثاني من آب 2009 وكرَّست هذا الموقف السياسي للحزب. ويؤكد الحزب أن الوحدة الوطنية تبقى فوق كل اعتبار ويدعو كل القوى السياسية لتغليب المصلحة الوطنية العليا على كل المصالح الفئوية الأخرى». وجدّد الحزب «تمسكه بالسلم الأهلي الذي ضحى في سبيله في عدد متلاحق من المحطات ليس آخرها موقفه السياسي الأخير الذي جنب البلاد خطر الانزلاق نحو الصدام الداخلي وساهم في شكلٍ كبير في تنفيس حال الاحتقان القائمة منذ فترة زمنية غير قصيرة، على أمل أن نذهب جميعاً نحو المسارات الدستورية والمؤسساتية في عملية تأليف الحكومة الجديدة». واستعرض الحزب «ظروف المرحلة الراهنة بعد رفع شعارات تتصل بالسلاح، وجدد موقفه الحازم الرافض استخدام السلاح في الداخل لأن هذا الخيار أُثبت أنه خيار مدمر لكل الإنجازات الوطنية، كما أكد رفضه، في الوقت ذاته، تعرية لبنان أمام إسرائيل قبل التوصل إلى التوافق الوطني حول استراتيجية دفاعية تؤمن الحماية للبنان من الاعتداءات الإسرائيلية والانتهاكات التي لم تتوقف يوماً، بالتوازي مع وضع خطة تدريجية لتزويد الجيس اللبناني بالسلاح النوعي وصولاً إلى مرحلة يتم فيها الاستيعاب التدريجي للمقاومة في المؤسسة العسكرية في الظروف الملائمة». وأكد الحزب أن «الوسيلة الوحيدة لمعالجة مسألة السلاح تكون من خلال الحوار الهادئ والعقلاني ضمن هيئة الحوار الوطني». كما توقفت الجمعية العامة عند تفاصيل البرنامج الاقتصادي - الاجتماعي الذي تضمنه التقرير السياسي والذي يعرض مقترحات شاملة تتصل بكل الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والتربوي والمالي وسبل معالجته.