تحت أمطار غزيرة ومع اقتراب إعصار قوي من الأرخبيل الياباني، منح اليابانيون غالبية ساحقة جديدة لرئيس وزرائهم شينزو آبي (63 سنة) أمس، في الانتخابات الاشتراعية المبكرة التي تركزت على التهديد النووي والصاروخي الذي تمثله كوريا الشمالية ومسألة الشيخوخة السريعة لليابانيين. وسيعزز هذا الفوز سلطة رئيس الوزراء الذي تولّى السلطة في كانون الأول (ديسمبر) 2012، ويشجعه على تعديل الدستور السلمي للبلاد، في اتجاه تقنين وضع القوات المسلحة في حين يرى منتقدون أنه يرمي إلى منح الجيش دوراً أكبر في الخارج. ووعد آبي، الذي كسب رهان البقاء في السلطة حتى عام 2021 متجاوزاً الرقم القياسي السابق الذي كان 8 سنوات تقريباً، بالتعامل بحزم مع تهديدات كوريا الشمالية. وقال بعد إقفال صناديق الاقتراع، وقبل صدور النتائج الرسمية المتوقعة اليوم: «كما وعدت في الانتخابات، مهمتي الوشيكة هي التعامل بحزم مع كوريا الشمالية. ولهذا السبب، المطلوب هو ديبلوماسية قوية». وتزامن ذلك، مع تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجدداً أمس، في مقابلة تلفزيونية أن بلاده مستعدة بقوة لكل الاحتمالات في مواجهة كوريا الشمالية. وقال: «نحن مستعدون إلى حد لن تصدقوه. وستشعرون بالمفاجأة حين تشاهدون كم نحن على استعداد تام في حال كان ذلك ضرورياً». وأشارت تقديرات إلى فوز تحالف الحزب الليبرالي الديموقراطي (يمين) بزعامة آبي وحزب كوميتو (يمين وسط) ب311 مقعداً من أصل 465 في البرلمان، وذلك استناداً إلى نتائج استطلاع الناخبين لدى خروجهم من مكاتب الاقتراع. وكان تحالف آبي الحكومي قبل هذه الانتخابات يملك 318 مقعداً في البرلمان لكن فضائح متكررة أثّرت في صورته وأثارت خشيةً من خسارته الانتخابات الاشتراعية المقررة أصلاً بعد سنة، ما دفعه إلى الدعوة الشهر الماضي، إلى انتخابات مبكرة. وتعزز هذه الغالبية المريحة موقف آبي الحازم حيال كوريا الشمالية التي سبق أن أطلقت صاروخين فوق اليابان. ويؤيّد آبي موقف الحليف الأميركي القائم على إبقاء «كل الخيارات» مطروحة ضد بيونغيانغ بما فيها الخيار العسكري. وبعد حملة قصيرة استمرت 12 يوماً وتركزت على كوريا الشمالية والقضايا الاقتصادية، جرت عمليات الاقتراع أمس، تحت إمطار غزيرة مع اقتراب إعصار قوي. وإذا كانت الأحوال المناخية السيئة لم تؤثر في الجانب اللوجستي للانتخابات فإنها قد تكون ساهمت في زيادة عدم المشاركة، علماً أن اليابانيين يستطيعون الاقتراع قبل أيام عدة من موعد الاستحقاق. وقُدِّر عدد الذين صوتوا قبل الأحد ب21.4 مليون ياباني من أصل 100 مليون ما يشكّل رقماً قياسياً. في المقابل، أشارت التوقعات إلى فوز «حزب الأمل» الذي أسسته رئيسة بلدية طوكيو يوريكو كويكي ب50 مقعداً، على أن يحصد الحزب الديموقراطي الدستوري، ثاني أكبر حزب معارض، 58 مقعداً. وصرّحت كويكي أمس، من باريس حيث شاركت في مؤتمر دولي عن التلوّث: «اعتقد أن النتيجة قاسية جداً. سيتم النظر لاحقاً في أسباب الهزيمة، لكنني أعتذر من الناخبين إذا كانوا انزعجوا من عباراتي وسلوكي». وعن مستقبل حزبها، اكتفت بالقول: «بوصفي مؤسسة للحزب سأتحمّل مسؤولياتي». وبذلك، سيحافظ تحالف آبي على غالبية الثلثين في البرلمان على غرار مجلس الشيوخ، وهو شرط ضروري للدعوة إلى استفتاء يقترح مراجعة الدستور السلمي الذي فرضته الولاياتالمتحدة عام 1947 بعد استسلام اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، والذي تنصّ مادته التاسعة على التخلّي عن الحرب «إلى الأبد». وتحظّر المادة التاسعة من الدستور الياباني الإبقاء على قوات مسلّحة لكن الحكومات اليابانية تفسّرها بأنها تسمح بوجود جيش للدفاع الذاتي فحسب. وتفضّل أحزاب معارضة عدة تعديل الدستور، لكنها لا تتفق على التفاصيل. ويجب أن يحظى أي تعديل بتصديق ثلثي أعضاء المجلسين في البرلمان أو بغالبية الأصوات في استفتاء شعبي. أما في مواجهة شيخوخة السكان وانكماش يضرّ بالاقتصاد منذ سنتين ونموّ متعثّر، فيشدّد آبي على ما حقّقته سياسته الاقتصادية من زيادة في الموازنة وسياسة نقدية ثابتة في مد السوق بالسيولة. يُذكر أن آبي قاد الحزب الديموقراطي الحرّ لتحقيق 4 انتصارات انتخابية متتالية منذ تولى قيادة الحزب.