تُفتتح بعد غد الإثنين الدورة الشتوية للكنيست الإسرائيلي، وسط توقعات بأن تكون دورة ساخنة يخيم عليها التوتر بين الائتلاف الحكومي والمعارضة، ومعركة «لي ذراع» بين الحكومة والجهاز القضائي وعلى رأسه محكمة العدل العليا. ولا يستبعد مراقبون أن تبلغ درجة السخونة حد تبكير الانتخابات العامة، في حال أيقن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو أن اليمين اقتنع بادعاءاته بأن تحقيقات الشرطة معه «ذات أجندة سياسية» تبغي إسقاط حكم اليمين. ويأتي استئناف الكنيست أعماله في أوج حملة شرسة يشنها نتانياهو على الشرطة وقائدها، على خلفية التسريبات في شأن التحقيقات معه في ملفي شبهات بالفساد وتلميحات الى أن الشرطة قد توصي النيابة العامة بتقديم نتانياهو إلى المحاكمة بتهمة ارتكاب مخالفات خيانة ثقة وفساد مالي. وتصرّ أوساط نتانياهو على التسريب لوسائل إعلام بأن القائد العام للشرطة روني ألْشيخ، الذي عيّنه نتانياهو نفسه، لا يفعل شيئاً لمنع التسريبات من الشرطة حول مجريات التحقيق مع رئيس الحكومة، بل وتوجيه اتهامات للشيخ بأنه يعتزم دخول المعترك السياسي في صفوف حزب المستوطنين «البيت اليهودي». ويتوقع أن يشهد الكنيست جدلاً عنيفاً بين الائتلاف والمعارضة، حين يقدم النائب من «ليكود» دافيد امسالم اقتراح قانون بمنع التحقيق مع رئيس حكومة خلال ولايته (إلا في حال ارتكابه جرائم خطيرة) وبإرجائها إلى ما بعد إنهائه مهماته. وترى المعارضة أن اقتراح قانون كهذا يأتي لحماية نتانياهو من الإقالة. ويرى مراقبون أنه في حال أشارت الاستطلاعات الداخلية التي يقوم بها نتانياهو إلى أن غالبية الشارع اليميني – الديني تؤيد نتانياهو في ادعاءاته ضد الشرطة، فإن الأخير لن يتردد في تبكير الانتخابات العامة لتحقيق هدفين بقرار واحد: الأول إرجاء الشرطة توصياتها في ملفي الفساد إلى ما بعد الانتخابات، والثاني تشريع قانون يحظر على الشرطة تقديم أية توصية أو الإعلان عن موقفها من نتائج تحقيقاتها ليكون القانون ساري المفعول مع تشكيل الحكومة الجديدة. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن قياديين في الشرطة، أن سلوك نتانياهو «أشبه بسلوك جانٍ يبغي تخويف الشرطة وردعها من أن تقدم توصيات بمحاكمته». ويعتزم نتانياهو، لإرضاء معسكر اليمين – المتدينين، التقدم بمشروع قانون «القدس الكبرى» الذي ينص على ضم جزئي لخمس مستوطنات يهودية مقامة على أراضٍ فلسطينية محتلة عام 1967 الى منطقة نفوذ البلدية الإسرائيلية للقدس في مقابل إخراج أحياء فلسطينية في ضواحيها من نفوذ البلدية بهدف تعزيز الغالبية اليهودية في القدس. ولدى الائتلاف الحكومي مشاريع قوانين أخرى تصب كلها في تأكيد يمينية الحكومة الحالية، مثل تعديل قانون «القومية» على نحو يؤكد أولوية «يهودية الدولة» على ديموقراطيتها، ويلغي مكانة اللغة العربية لغةً رسمية. وهناك أيضاً «مشروع قانون التشريع» يقضي بالاحتكام إلى القضاء العبري في حال تعثر إيجاد حلول في القانون العادي. ويتوقع أن تواصل وزيرة القضاء أييلت شاكين من «البيت اليهودي» معركتها لتكبيل يدي المحكمة العليا ومنعها من إلغاء قوانين يسنها الكنيست، كما فعلت حتى الآن حين أيقنت أن القانون غير دستوري. وفي ظل الأجواء اليمينية المهيمنة، فليس مستبعداً أن تنجح شاكيد في تحقيق مآربها، ما ينذر بتوجه خطير على الديموقراطية وفق منظمات حقوق إنسان التي رأت في المحكمة العليا الملجأ الأخير للفئات المتضررة من تعسف الحكومة أو القوانين الجائرة. كما يعتزم الائتلاف الحكومي سن قوانين جديدة تبغي تضييق الهامش المتاح لوسائل الإعلام، مثل منع تسجيل صوتي سري من دون معرفة الجهة التي يتم تسجيلها بالأمر، وذلك بهدف تضييق حرية الصحافي في تحقيقاته الصحافية. وتبني المعارضة البرلمانية حساباتها على مقارعة نتانياهو، بداعي تورطه في الفساد ودعوته بالتالي إلى الاستقالة في حال أوصت الشرطة بمحاكمته. ومن المتوقع أن يشعل مشروع قانون تجنيد الشبان المتدينين المتزمتين (الحرديم)، النار بين العلمانيين والمتدينين في الكنيست.