شن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو هجوماً عنيفاً على الشرطة وقائدها العام روني الشيخ، في أعقاب انتشار خبر تناول استئناف الشرطة قريباً التحقيق معه في ثلاثة ملفات يشتبه فيها بارتكابه جنايات فساد. وأدى الهجوم غير المسبوق إلى تساؤلات حول دوافعه الحقيقية وما إذا كان يعد لانتخابات مبكرة تعطّل تحقيقات الشرطة، خصوصاً أن نتانياهو يحظى بتعاطف أوساط اليمين والمتدينين ويتوقع أن يتلقى من ناخبيه ضوءاً أخضر لتكبيل يدي الشرطة ومنعها رسمياً من تقديم توصيات إلى المستشار القضائي للحكومة تستند إلى تحقيقاتها. وأشار مراقبون إلى موقف مشابه لنتانياهو قبل نحو ثلاث سنوات حين حلّ حكومته لأسباب غير مقنعة، وأجرى انتخابات مبكرة عادت به إلى رئاسة الحكومة في وضع أقوى. وتشير جميع استطلاعات الرأي الحالية إلى أنه في حال أجريت انتخابات جديدة الآن، فإن نتانياهو سيبقى في منصبه مدعوماً بغالبية يمينية– دينية. ولا يخفي نتانياهو انزعاجه الدائم من تحقيقات الشرطة، وسبق أن طالب القائد العام للشرطة والمستشار القضائي للحكومة بالعمل على وقف التسريبات، لكنها تواصلت وكان آخرها الخبر الذي بثته القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي مساء السبت مفاده بأنه مع انتهاء الأعياد اليهودية يتوقع أن تستأنف الشرطة تحقيقاتها الجنائية مع نتانياهو، وأن تستدعيه لتقديم إفادة أخرى في ملف ثالث يتعلق بصفقة شراء إسرائيل غواصات ألمانية. وأخرج هذا الخبر نتانياهو عن طوره، وقال في تعقيب شديد اللهجة في صفحته على فايسبوك: «عندما تسلم القائد العام للشرطة روني الشيخ مهامه، اتخذ قرارين مهمين: الأول وقف التسريبات من التحقيقات التي تقوم بها الشرطة، والثاني أن لا تصدر الشرطة توصيات للمستشار القضائي مبنية على تحقيقاتها. لكن منذ تعيين المستشار الخارجي للشرطة (ليئور حوريف)، أصبحت التسريبات غير القانونية «تسونامي تسريبات، وقرار الامتناع عن تقديم توصيات اختفى فجأة كأنه لم يكن». وأضاف نتانياهو أن «الجمهور يعرف منذ زمن أننا بصدد حملة صيد مكشوفة تقوم بها وسائل الإعلام ضد رئيس الحكومة». وأثار تهجم نتانياهو ردود فعل واسعة، إذ هاجم قادة المعارضة نتانياهو على أقواله، وقال رئيس الحكومة السابق إيهود باراك إن نتانياهو «وهو في طريقه إلى أسفل مستعد لحرق الدولة وملاحقة مؤسساتها في شكل حقير وخطير»، ووصفت وزيرة القضاء سابقاً تسيبي ليفني هجوم نتانياهو بأنه «حضيض جديد»، وقالت إن «الحفاظ على سلطة القانون أهم من نتانياهو ذاته». وعلى رغم الدعم الذي تلقاه نتانياهو من وزراء حزب «ليكود» وأحزاب اليمين المتطرف والمتدينين، دافع نواب من حزب «كلنا» الشريك في الائتلاف الحكومي عن عمل الشرطة ونزاهتها. كما استهجن مراقبون الهجوم على قائد الشرطة الذي عيّنه نتانياهو بنفسه، فيما زرعت أوساط الأخير خبراً في صحيفة داعمة لنتانياهو مفاده بأن قائد الشرطة يعتزم دخول المعترك السياسي مع حزب المستوطنين «البيت اليهودي» بعد إنهاء ولايته، علماً أن القانون يمنعه من ذلك ويرغمه على الخروج لفترة «تجميد» لسنوات قبل الانتقال إلى العمل السياسي.