في لحظة الوداع الأخير وساعة الرحيل عن معشوقة الملايين، يكتب قائد فريق الاتحاد ومدرسة الدفاع في "العميد" أحمد جميل الليلة الفصل الأخير له في ميادين كرة القدم، ويودع الساحة الرياضية نهائياً بعد مسيرة كروية أكثر من ناجحة كانت حافلة بالمستويات الأدائية المميزة والانتصارات والإنجازات والبطولات سواءً مع فريقه الاتحاد الذي بدأ مشواره معه حتى اعتزاله، أو مع منتخب بلاده في المحافل الخليجية والعربية والقارية والعالمية، إذ يُعتبر السد العالي أحد النماذج المضيئة التي سطعت في سماء الكرة السعودية، وسجلت اسمها بمداد من ذهب في سجل الشرف الوطني. وبدأ رمز الدفاع الاتحادي أحمد جميل المولود في السادس من يناير 1968 حياته في حي النزلة اليمانية بمدينة جدة، ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة بلال بن رباح، وبرز في شكل لافت منذ الصغر مع فريق حارته أو منتخب مدرسته، ليكتشف موهبته الكروية الفذة شخص يدعى «العم يحيى» الذي ذهب به مباشرة إلى مدرب البراعم في نادي الاتحاد عبدالله صالح، وتم تسجيله رسمياً في كشوفات البراعم آنذاك، ثم تدرج جميل في فرق الاتحاد السنية من البراعم إلى الناشئين والشباب وبرز كمدافع فريد من نوعه بصلابته وارتقائه العالي وانقضاضه على الكرة. ولقي السد العالي فرصته الأولى مع الفريق الأول في عام 1403، عندما كان احتياطياً مع الفريق في مباراته ضد فريق القادسية ضمن مباريات الدوري الممتاز، وشارك في اللقاء بعد 20 دقيقة فقط من بدايته بعد إصابة المدافع الأساسي صلاح عياد، ليلعب المدافع الشاب لمدة 70 دقيقة كاملة في أول ظهور له مع الفريق الأول، وينجح في الذود عن مرمى الاتحاد والخروج من ذلك اللقاء بالفوز وبشباك نظيفة خالية من الأهداف. وسطع نجم محبوب الجماهير الاتحادية أحمد جميل تحديداً في عام 1406، عندما حضر المدرب الانكليزي بوب هاوثون للاتحاد ووجد ضالته المنشودة في المدافع العملاق لتطبيق طريقته الانكليزية في الدفاع، ويلعب جميل أساسياً في جميع المباريات ويتألق كثيراً كمدافع كبير ومميز ويعود الاتحاد في ذلك الموسم إلى زمن البطولات والإنجازات، حيث حقق كأس الاتحاد السعودي، وحل وصيفاً لبطولة الدوري وبطولة كأس الملك، ثم التحق للمرة الأولى بمعسكر المنتخب السعودي الأول وتم اختياره ضمن قائمة المنتخب التي غادرت إلى البحرين للمشاركة في دورة الخليج الثامنة. وأسهم مدرسة الدفاع أحمد جميل كثيراً في تحقيق كأس الملك في عام 1408، وأحرز الهدف الوحيد في المباراة النهائية، وهو الهدف الذي حقق للاتحاد البطولة الغالية بعد غياب طويل عنها، وفي عام 1411 يرفع أحمد جميل كأس ولي العهد بعد الفوز على فريق النصر في المباراة النهائية وهي أول بطولة يحققها احمد جميل وهو كابتن وقائد للاتحاد، وفي عام 1417 حقق الاتحاد ثلاثية البطولات المحلية بقيادة السد العالي، وفي عام 1420/1419 حقق الاتحاد رباعية البطولات بقيادة جميل، ومن ضمنها كأس أول بطولة خارجية يحققها الاتحاد وهي بطولة الأندية الخليجية التي استضافها الاتحاد بجدة، ثم رفع احمد عملاق الدفاع كأس أول بطولة يحققها الاتحاد على المستوى الآسيوي، وهي بطولة كأس الكؤوس الآسيوية في اليابان عام 1999 وهي آخر البطولات التي ساهم جميل في تحقيقها لنادي الاتحاد. وعلى صعيد المشاركات مع المنتخب السعودي كانت كأس الخليج الثامنة في البحرين عام 1986 هي أول بطولة يمثل فيها اللاعب منتخب بلاده، وكانت بطولة كأس أمم آسيا عام 1988 في الدوحة هي أول بطولة يسهم اللاعب في تحقيقها للكرة السعودية، ثم أسهم في حصد لقب بطولة كأس الخليج الثانية عشرة في الإمارات عام 1994، ثم بطولة كأس آسيا 1996 في الإمارات، كما شارك أحمد جميل بفعالية في تأهل المنتخب السعودي لنهائيات كأس العالم 1994 في أميركا وذلك للمرة الأولى في تاريخ المنتخب السعودي، ثم أسهم جميل أيضاً في تأهل الأخضر لنهائيات كأس العالم 1998 في فرنسا، إلى جانب مشاركاته العديدة مع المنتخب في البطولات العربية والخليجية والآسيوية وكذلك بطولتي القارات الأولى والثانية. وجاءات النهاية المؤلمة لمسيرة النجم الكبير في يوم الجمعة 25 من ذي الحجة عام 1420 أمام الوحدة على ملعب مدينة الملك عبدالعزيز الرياضية في الشرائع عندما تعرض لإصابة قوية جداً بعد كرة مشتركة مع لاعب الوحدة خالد الحازمي كانت عبارة عن كسر مضاعف في القدم اليمنى، فتم نقله من الملعب مباشرة إلى المستشفى، ولم يعد للميادين مرة أخرى ليفقد العميد واحداً من ألمع وأشهر وأبرز وأميز نجومه طيلة تاريخ النادي.