وجهت حركة «الجهاد الإسلامي» أمس رسالة «واضحة» مزدوجة إلى حركة «حماس» وإسرائيل مفادها أنها لن تلتزم التهدئة غير المعلنة في حال استمرت الأخيرة في عدوانها على قطاع غزة، في وقت توجه عضوان في مكتبها السياسي إلى دمشق عبر الأراضي المصرية. ووفق مصادر في الحركة، فإن القيادييْن محمد الهندي ونافذ عزام سيتوقفان في القاهرة لعقد لقاءات مع مسؤولين مصريين للبحث في عدد من القضايا، من بينها التصعيد العسكري الإسرائيلي الحالي، والتهدئة غير المعلنة وغير المقبولة من الحركة، والمصالحة الفلسطينية. وقالت المصادر ل «الحياة» إن الهندي وعزام سيلتقيان في دمشق قادة الحركة والفصائل الفلسطينية، بما فيها «حماس»، للتشاور في الأوضاع الحالية والمصالحة وغيرها. وأضافت أن قادة الحركة الذين سيعقدون اجتماعات مع قادة «حماس»، سيبلغونهم برسالة قوية مفادها أن الحركة لن تلتزم التهدئة الهشّة غير المعلنة السارية المفعول منذ انتهاء الحرب العدوانية على القطاع قبل 26 شهراً. وأوضحت أن الحركة لن تقدم تهدئة مجانية لإسرائيل، وأن التهدئة يجب أن تقابلها تهدئة، والتصعيد الإسرائيلي سيقابله تصعيد فلسطيني. وأشارت إلى أن الحركة لن تقبل أن تكون «تحت الطلب أو رهن إشارة من أي جهة» في ما يتعلق بالتهدئة أو المقاومة والدفاع عن الشعب الفلسطيني. وكشفت أن الحركة ستناقش مع «حماس» أيضاً الأوضاع الداخلية والمصالحة والاحتقان في القطاع الناجم عن سياسات حكومة «حماس» في غزة، ومن بينها ما جرى منتصف الشهر الجاري من اعتداء وحشي على المواطنين والنساء والألفاظ النابية التي وجهها رجال الشرطة والأمن إلى النساء والفتيات، والاعتداء على الناشطين الداعين إلى إنهاء الانقسام. وأوضحت أنه ستتم أيضاً مناقشة القضايا المتعلقة بالحريات العامة والتعليم والصحة، وأن الحركة لا تقبل الأوضاع السائدة في القطاع في كل هذه القضايا. وقال القيادي في الحركة خالد البطش خلال مؤتمر صحافي عقده في مدينة غزة أمس إنه انطلاقاً من التزام الحركة «المقاومة وحماية مصالح شعبنا والدفاع عنه، قررت الرد على جرائم الاحتلال والتصدي للعدوان والتصعيد». وأضاف أن «هذا الرد حمل رسائل أولية تحذر الاحتلال من مغبة الاستمرار في هذا التصعيد». وفي إشارة إلى الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس الحكومة في غزة إسماعيل هنية مع الأمين العام للحركة رمضان شلح، قال البطش: «أجريت خلال الساعات الماضية اتصالات عدة بهدف تهدئة الأمور». وأضاف: «مع تقديرنا لكل الاتصالات التي تمت، فإن الاحتلال الصهيوني يتحمل المسؤولية عن هذا التصعيد بعدوانه المستمر على شعبنا، ومسألة تصعيد المقاومة من عدمه مرتبطة بتطورات الموقف في الميدان، بمعنى أنه لا يمكن المقاومة أن توقف ردودها طالما أن هناك عدواناً واستهدافاً». وقال إن «الهدوء يقابله هدوء. الرسائل التي وصلت الاحتلال ورأيتموها (أول من) أمس بمثابة رسائل تحذير أولية، ونحن هنا اليوم نعلن أنه إذا استمر العدوان الصهيوني، فلا أحد يمكن أن يقرر كيف تسير الأمور وإلى أين يمكن أن تصل، فكل الخيارات سيكون متاحاً وإلى أبعد مدى بهدف الدفاع عن شعبنا وحمايته». وعن التهديدات الإسرائيلية باستهداف قادة الحركة، أكد أن «ذلك كله لن يخيفنا ولن يمنعنا من حماية شعبنا ومواصلة المقاومة والرد على جرائم الاحتلال». اعتقال قيادييْن في الضفة «تواطؤ» وفي الشأن الداخلي، قال البطش إن حملة الاعتقالات التي تشنها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في حق قيادات الحركة وكوادرها في الضفة الغربية تمثل «تواطؤاً واضحاً على المقاومة وانسياقاً مبرمجاً لأوامر سلطات الاحتلال، وستساهم في نسف المبادرات الأخيرة وتسمم الأجواء الإيجابية التي لفت الشارع الفلسطيني المنادي بإنهاء الانقسام وتجسيد الوحدة الوطنية». وكان شهود ومصادر من «حماس» أكدت أمس أن أجهزة الأمن الفلسطينية اعتقلت ليل الأربعاء - الخميس اثنين من قادة «الجهاد» في جنين شمال الضفة الغربية، هما خالد جرادات وطارق قعدان. وقال البطش إن «اعتقال قياداتنا يُمثل تجاوزاً خطيراً للخطوط الحمر، وعلامةً فارقةً في سجل السلطة الأسود المرتهن لأوسلو، ويثير علامات استفهام كثيرة وكبيرة عن دور أجهزتها الأمنية». وأشار إلى «ما تمارسه الأجهزة الأمنية من دور تخريبي للنسيج الاجتماعي وضرب محاولات جمع الصف الوطني»، متسائلاً عن «مدى إمكان تحقيق الوحدة في ظل التزام اتفاق أوسلو وما تترتب عليه من التزامات أمنية وسياسية». وشدد على أن «ما تم في حق قياداتنا يزيد من حال الاحتقان والتوتر على الساحة الفلسطينية ويدل على حال التماهي الواضح بين قادة أجهزة الأمن في رام الله وقيادات جيش الاحتلال وأجهزته الاستخبارية». ودعا الجماهير إلى «قول كلمتها الفصل إزاء ذلك والخروج في مسيرات حاشدة تعبر فيها عن رفضها الاعتقال السياسي وتطالب بوقف التنسيق الأمني مع العدو». وطالب حركة «فتح» بأن تعلن «موقفاً واضحاً وحازماً إزاء حملات اعتقال قياداتنا ومجاهدينا»، كما طالب الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة ب «الإفراج الفوري عن كل المعتقلين في سجونها والكف عن ملاحقة قيادات المقاومة ومجاهديها واعتقالهم على الأرض». وحمّل قيادات تلك الأجهزة «المسؤولية الكاملة عن حياتهم وسلامتهم». إلى ذلك، طالبت شبكة المنظمات الأهلية والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان ومؤسسة الضمير لحقوق الإنسان أمس المجتمع الدولي ب «التحرك العاجل والفاعل لوقف العدوان الإسرائيلي وحماية المدنيين في قطاع غزة المحتل، والتزام واجباته القانونية بتأمين احترام القانون الدولي وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب، والاستجابة لجسامة وخطورة الانتهاكات التي ترتكب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل في شكل فوري لرفع الحصار غير القانوني المفروض على القطاع». ودعت الشبكة والمراكز الثلاثة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الى «تعزيز العدالة»، وأوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة ب «إعادة النظر في تقرير لجنة غولدستون وتطبيق توصياته، بما في ذلك حض مجلس الأمن على إحالة هذا الملف على المحكمة الجنائية الدولية». وطالبت خلال مؤتمر صحافي مشترك في مدينة غزة أمس المفوضية السامية لحقوق الإنسان ب «العمل، انسجاماً مع توصيات تقرير لجنة غولدستون، على تشكيل صندوق تعويضات في شكل فوري لضمان إنصاف ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (عملية الرصاص المصبوب) ودفع تعويضات لهم في أسرع وقت». وحضت الجامعة العربية على «عقد اجتماع فوري عاجل لبحث آليات التصدي للعدوان الإسرائيلي»، فضلاً عن «تفعيل حملة التضامن مع شعبنا بما يشمل فرض عقوبات على إسرائيل كدولة خارجة عن القانون الدولي».