بعد أقل من شهرين من تنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك تحت وطأة الاحتجاجات الشعبية، وما تبعه من سقوط الاتحادات الطلابية التي كانت أجهزة الأمن تتدخل في تشكيلها، يستعد طلاب الجامعات لأول اختبار ديموقراطي داخلي، إذ تبدأ نهاية الأسبوع الجاري انتخابات الاتحادات الطلابية التي تستمر إلى مطلع الشهر المقبل. وإذا كان التيار الإسلامي، بزعامة «الإخوان المسلمين»، يرغب في استعادة وجوده داخل الجامعات بعد سنوات من الإبعاد، فإن بزوغ نجم الحركات الشبابية التي كان لها دور كبير في أحداث الثورة التي أطاحت النظام المصري، لن يجعل مهمة الإسلاميين سهلة، ليكون لما يسمى ب «الكتلة الصامتة» التي كانت تتحاشى الدخول في المعترك السياسي، الكلمة الفصل في حسم الصراع بين الجانبين. ولعلها المرة الأولى التي تجرى فيها الانتخابات الطلابية بعيداً من أعين الأجهزة الأمنية، بعدما قرر وزير التعليم العالي الامتثال إلى أحكام القضاء التي تقضي بطرد الشرطة من الحرم الجامعي، كما أنها المرة الأولى التي تشرف فيها على العملية الانتخابية منظمات مجتمع مدني. وينظر إلى تلك الانتخابات على أنها خطوة أولى نحو «تحرير» الجامعات وعودة العمل السياسي إليها، وهو الأمر الذي كان يرفضه النظام السابق في شدة. ومن المتوقع أن تشهد جامعة القاهرة أعنف المنافسات في الانتخابات التي تجرى الخميس المقبل، كما أنها ستحظى بمتابعة قوية، إذ أنها أكبر الجامعات، كما أنها تتميز بحضور قوي لمختلف التيارات السياسية، خصوصاً التيار الإسلامي. ويؤكد القيادي الطلابي عبدالرحمن مصطفى ل «الحياة» أن «التيارات السياسية في جامعة القاهرة ستدخل الانتخابات بقوائم ائتلافية في مواجهة الاتحادات القديمة»، موضحاً أن تلك القوائم «مقسمة بين جماعة الإخوان المسلمين التي تنافس ب 30 في المئة من المقاعد، وباقي التيارات السياسية والمستقلين والذين ينافسون على النسبة الباقية من المقاعد». أما جامعة عين شمس التي شهدت العام الماضي أعمال عنف بين طلاب غاضبين من تزوير الانتخابات وآخرين محسوبين على الأمن، ما أدى إلى سقوط عشرات الجرحى، فتبدأ فيها الانتخابات الأربعاء المقبل. ويلفت القيادي الطلابي في الجامعة أسامة الشافعي إلى أن «عدم وعي معظم الطلاب بأهمية الانتخابات، كما أن الاتحادات الطلابية كانت مغيبة خلال السنوات العشر الماضية، وهو الأمر الذي أدى إلى انعدام المنافسة». وأوضح ل «الحياة» أن المواجهة في الانتخابات المقبلة «ستنحصر بين أعضاء الاتحادات القديمة والمستقلين الذين لا ينتمون إلى تيارات سياسية»، مشيراً إلى أن «المنتمين إلى التيار الإسلامي بدأوا خلال الأيام الماضية تكوين تحالفات مع المستقلين لمجابهة أعضاء الاتحادات القديمة». وأكد «أن التيار الإسلامي لن ينافس سوى على نحو 20 في المئة من تلك المقاعد». وخلافاً لجامعتي القاهرة وعين شمس، تشهد جامعة الإسكندرية صراعاً من نوع آخر، إذ يسعى ائتلاف يطلق على نفسه اسم «ائتلاف طلاب مصر» ويضم طلاباً منتمين إلى «الإخوان»، و «حركة 6 أبريل»، و «حملة دعم الدكتور محمد البرادعي»، وعدداً من الأحزاب، إلى وقف إجراء الانتخابات المقررة اليوم إلى حين إصدار لائحة داخلية تضمن نزاهتها. وأعلن «مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز» القريب من «الإخوان»، وحركة «حقي» الطلابية، مراقبتهما انتخابات الاتحادات الجامعية. وأوضح المركزان في بيان مشترك أن «الهدف من عملية المراقبة يتمثل في رصد ومتابعة أي انتهاكات قد تشهدها العملية الانتخابية، سواء في مرحلة الإعلان أو التسجيل أو الدعاية أو الانتخاب، وما إذا كانت هناك تدخلات إدارية أو أمنية في سير العملية الانتخابية». وطالبا «الجهات المعنية كافة بالعمل الجاد والمنظم من أجل إخراج الانتخابات في عهدها الجديد بصورة تليق بالحركة الطلابية المصرية ومكانتها الإقليمية والدولية، والتأكيد للعالم أجمع أنه قد حدث تغيير حقيقي في مصر، وأننا مقدمون بالفعل على عهد ديموقراطي جديد، لن يُهدر فيه رأي، ولن تُزور فيه انتخابات، ولن تُسجن فيه الحريات».