واصل رئيس جبهة «النضال الوطني» النيابية في لبنان وليد جنبلاط اتصالاته مع أركان الأكثرية الجديدة في شأن الوضع السياسي في البلاد والجمود في عملية تأليف الحكومة، واجتمع أمس إلى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون بدعوة من الأخير إلى مائدة العشاء وتداولا في الأفكار المطروحة من اجل تذليل العقبات أمام إخراج الحكومة الجديدة إلى النور، وخفض سقف مطالب عون لتسهيل مهمة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وكان جنبلاط التقى أول من أمس، رئيس المجلس النيابي نبيه بري في حضور وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الاعمال غازي العريضي واتفقا على ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة وعدم جواز تأخير إصدارها. وكان جنبلاط اعتبر أن «الحوار يبقى الموقع الوحيد الذي يمكن من خلاله تبديد كل الهواجس»، لافتاً الى أن «شريحة واسعة من اللبنانيين سئمت الوضع وتريد تغيير النظام». وأشاد جنبلاط في موقفه الأسبوعي الى جريدة «الأنباء» الصادرة عن «الحزب التقدمي الاشتراكي» ينشر اليوم، ب «كشف أنظمة تجسسية جديدة في الجنوب التي تقدم دليلاً جديداً على أن لبنان مكشوف ومخترق على الكثير من المستويات السياسية والأمنية»، مشيراً الى أن «هذا التطور يثبت أهمية التنسيق القائم بين المقاومة والجيش اللبناني، ويؤكد أن معالجة موضوع الدفاع عن لبنان لا تتم بالخطب النارية بل بالعودة الى هيئة الحوار الوطني التي تبقى الموقع الوحيد الذي يمكن من خلاله تبديد كل الهواجس والتوصل الى توافق حول استراتيجية دفاعية وطنية شاملة». كما اعتبر أن «التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام الطائفي، تدل على أن شريحة واسعة من اللبنانيين سئمت من الوضع الراهن وتريد تغيير النظام الطائفي الذي يقف حاجزاً بين المواطن ودولته، ويعيق التقدم على المستويات المختلفة، ويميّز بين المواطنين في الكثير من المجالات»، آملاً بأن «تشكل هذه التظاهرات فسحة أمل وفرصة للبنان جديد خارج الاصطفافات الطائفية والمذهبية وبعيداً من الطبقة السياسية الحالية». واستغرب جنبلاط «المعايير المزدوجة التي يعتمدها الغرب في تعاطيه مع الدول العربية»، مشيراً الى «أننا أمام نظرية جديدة في القانون والأعراف الدولية وهي تندرج تحت عنوان التدخل الاستباقي، فيما هي حقيقة لا تعدو كونها بمثابة استعمار جديد يضع النفط في المرتبة الأولى من الاهتمام فيما حقوق الإنسان التي يتم التغاضي عنها لعقود ليست سوى المظلة التي تُستغل للتدخل الفاضح في شؤون الشعوب». ونفى جنبلاط «كل ما نقل عني في ما يتعلق بموضوع المصارف، ولا علاقة لي بهذا الكلام»، وشدد على «ثقتي بالقطاع المصرفي اللبناني الذي هو في أيدٍ أمينة بإشراف حاكم البنك المركزي وأصحاب المصارف أنفسهم، وكل الكلام مجرد تحليلات وتأويلات عارية عن الصحة». وكانت إحدى محطات التلفزة نسبت إلى جنبلاط قوله ليل أول من أمس أن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان يحضّر لأجندة تتضمن استهدافاً لمصارف يملك ميقاتي حصصاً فيها». وأجرى معاونو جنبلاط ليلاً اتصالات بالمحطة نفوا فيها أن يكون قال هذا الكلام وطلبوا وقف بث الخبر فتم إيقافه. وقال جنبلاط في مقاله الاسبوعي: «بعد تجربة العراق التي بيّنت فضيحة اختراع ما سُمّي آنذاك بأسلحة الدمار الشامل التي لم يظهر منها شيء، وكان الهدف واضحاً وهو التفتيت والتقسيم والنفط وإذكاء روح الفتنة المذهبية، ها هي اليوم تتكرر التجربة مع ليبيا التي صرف المجتمع الدولي النظر عن ارتكابات نظامها لسنوات طويلة ثم عقد معه صفقة في قضية لوكربي وقضية الطائرة الفرنسية على حساب الضحايا، وأبرم معه اتفاقات التسليح بملايين الدولارات». وزاد جنبلاط: «كم هي كبيرة تلك الفضيحة التي حصلت في الجامعة العربية التي أعلنت موافقتها على الحظر الجوي ثم تنصلت منه بعد انطلاق الضربات العسكرية من قبل القوى الغربية»، لافتاً الى أن «الشعب الليبي يدفع ثمن تهور زعيمه وديكتاتوريته وثمن التدخل العسكري الأجنبي تحت حجة حقوق الإنسان». وسأل: «هل تدخّل الغرب مثلاً لحماية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ وهل سيتدخل يوماً لتفكيك المستوطنات الإسرائيلية أو لرفع الحصار عن غزة وأهلها؟ وأين كان الغرب عندما نفّذت إسرائيل عملية الرصاص المسكوب على غزة عام 2008 وعلى مدى 22 يوماً؟ وهل إن الشعب الإسرائيلي هو من أبناء الست والشعوب العربية من أبناء الجارية؟»، معتبراً أن هذه «هي المعايير المزدوجة بعينها، فالغرب يغطي الأنظمة الاستبدادية طالما أنها تؤدي وظيفتها في خدمته وفي شراء السلاح من مستودعاته ويصرف النظر عن انتهاكاتها ثم يركب موجة تغييرها وقلبها بعد أن تكون استنفدت كل رصيدها من القمع والتسلط والهيمنة». وتطرق الى الأحداث في اليمن، معتبراً أنه «آن الأوان للرئيس اليمني أن ينسحب ويرحل حقناً للدماء ولتفادي وقوع المزيد من الخسائر بعد المجرزة التي ارتكبت بحق ما يزيد عن خمسين من المواطنين الأبرياء الذين يتظاهرون للمطالبة بالتغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي».