توقع مشاركون في «منتدى جدة الاقتصادي» أن تتقدم السعودية إلى المركز ال 21 بين أكبر اقتصادات العالم بحلول عام 2015، مشددين على أن قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز «ستدفع عجلة النمو في شكل أكبر». في حين رأى مشاركون آخرون أن منطقة الخليج تحتاج إلى استثمارات تصل إلى 1.5 ترليون دولار بحلول عام 2020. واستمرت امس أعمال المنتدى وعقدت جلسات أولها رأستها السعودية ناهد طاهر الرئيسة التنفيذية لبنك «غولف وان»، كان عنوانها «الدولة كشريك رئيسي»، بمشاركة الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء السعودية علي البراك، والمدير العام للخطوط الجوية العربية السعودية خالد الملحم والرئيس التنفيذي ل «سيستمبا» فلاديمر ايفتوشيكوف، ونائب رئيس مجلس إدارة «بنك أوف أميركا» ريتشارد ماكرماك. وأشارت طاهر إلى أن قرارات خادم الحرمين الشريفين لم تترك فرصة للجهات المختلفة، للتهاون في حق المواطن الذي يحظى بعناية كبيرة من الدولة». وأوضحت أن «معدل النمو في السعودية بلغ 6.1 في المئة بينها 1.6 في الإنشاءات وهذا معدل لا يبدو مرضياً، ولا شك في أن القرارات التاريخية التي أعلنها الملك عبد الله ستسهم في دفع عجلة النمو بشكل أكبر». ورأت أن «انتشار البطالة وعدم استخدام أموال النفط، جعلا الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الخليج أقل مما يجب أن يكون عليه... وأتصور أن الفجوة الكبيرة في السعودية تتمثل في البطالة». ورأت أن «الشراكة بين القطاعين الخاص والعام تحتاج إلى دعم كبير، وفي منطقة الخليج نحتاج إلى استثمارات تصل إلى 1.5 ترليون دولار بحلول عام 2020، منها 150 بليوناً في البنية التحتية». وقالت: «لسوء الحظ أن منطقتنا ومستثمرينا يعملون في مجال العقار ولا ينظرون إلى الاستثمار في الإنشاءات على أنها مربحة. فكما هو معروف فإن البنية التحتية تحتاج إلى الكثير من الصبر، وهناك فجوة واضحة تحتاج علاجاً، ومن أهم القطاعات التي تحتاج إلى استثمارات، الطيران والكهرباء، والصناعات البتروكيماوية، ولكن هناك مشاريع كبيرة في هذا القطاع تتسبب في الاحتباس الحراري وتلوث الهواء، ومن المؤكد أننا نحتاج إلى الاستثمار الصحيح، وأعتقد أن الحكومة مطالبة بالتدخل من أجل العمل بكفاءة أكبر وتلويث أقل، لاسيما أن هذه الانبعاثات تؤثر في البيئة والناتج الإجمالي». واستعرض البرّاك جهود شركة الكهرباء بالتعاون مع القطاع الخاص. وقال: «طرحنا عدداً من المشاريع للقطاع الخاص، ولدينا ثلاثة مشاريع تعمل بشراكة قائمة، ونحن ندرك أن الشراكة بين القطاعين يمكن أن تكون قاعدة لمزيد من الخدمات». وتحدث الملحم أيضاً عن نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقال: «الحكومة لديها الكثير من الأرصدة لا تعزز النمو بالشكل الكافي». وأشار إلى أن «السعودية تذهب إلى 26 مطاراً داخلياً وكل مقعد على هذه الاتجاهات يعتبر خاسراً لأنه مدعوم ويطرح بأقل من سعره الحقيقي وبالتالي لا بد من إعادة النظر في الأسعار التي ثبتت منذ 16 سنة»، معلناً البدء ب «تحديث الأسطول ب 45 طائرة». وتحدث ماكرماك في كلمته، عن الفارق بين مجموعة السبع ومجموعة العشرين، وكيفية تعامل أميركا كإحدى الدول الكبرى مع المجموعتين. وقال: «فشلت إدارة الرئيس جورج بوش في شكل كبير في التعامل مع عدد من القضايا المهمة أبرزها قضية الدَين، في حين نجحت إدارة باراك أوباما في تحقيق نجاح في هذا المجال، وهذا يعني أن الدولة لها دور مهم في نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص». ونصح السعوديين ب «عدم إجراء أي تغيير على عملتهم»، معتبراً أن «ربط الريال في الوقت الحالي بالدولار يخدم أهداف السعودية». وقال ايفتوشيكوف: «هناك مسألة مهمة تتمثل بإيجاد الوظائف، وعرفنا أن هناك 6 ملايين وظيفة في السعودية خلال الفترة المقبلة، وأتصور أن الشركات الكبيرة ليست وحدها التي ستوجدها بل الشركات المتوسطة لها دور كبير في ذلك، والأمر نفسه ينطبق على المملكة المتحدة.. فنصف الوظائف تم توفيرها من خلال الشركات الصغيرة والمتوسطة». وأوضح أن «دور الحكومة يتمثل في تثقيف الناس وتوعيتهم وربطهم بعضهم ببعض، ودعمهم ببعض رؤوس الأموال التي يمكن الانطلاق منها، وأهمها في رأيي أن تكون البداية من الصغر ومن المدارس الابتدائية ثم المتوسطة والثانوية». تسخير التكنولوجيا وأدار الجلسة الثانية التي كانت بعنوان «الإنتاجية الأساسية» الإعلامي تركي الدخيل، وشارك فيها العضو المنتدب لقسم المجتمعات والمدن الذكية بدر البدر، ورئيس الجائزة المنظمة لشركة «إكس» بيتر ديامن ديس، ونائب الرئيس للهندسة في «غوغل» نيلسون ماتوس. وركزت الجلسة على «تحديد معالم مستقبل المملكة واستغلال طاقات الاقتصاد» من خلال تسخير التكنولوجيا لتلبية حاجاتها إلى الإنتاج. وشدد البدر على «أهمية استثمار التكنولوجيا في شكل أفضل». وقال: «العالم يتغير اقتصادياً، وأصبحت الدول النامية تضم أكبر اقتصادات العالم، وفي عام 2015 يتوقع أن تكون هناك 6 من أكبر الاقتصادات في العالم من الدول النامية، وستكون السعودية في المركز ال 21 متقدمة على هولندا وبلجيكا وعدد من الدول الكبرى، خصوصاً أن الاقتصادات النامية ومنها السعودية، 50 في المئة من عدد سكانها دون سن ال 30». وأكد أن «الإنتاج يتأثر بالاستثمار في تقنية المعلومات، وبحسب دراسات شركة «فاسكو»، سيرتبط بالإنترنت أكثر من تريليون جهاز خلال السنوات العشر المقبلة، ليس فقط أجهزة الحاسب، ويمكن أن تنمو خدمات جديدة تغير شكل الحياة والعمل من دون التفريط في المعادلة البيئية، ولن نفعل ذلك إلا بالاستثمار في المدن الذكية من خلال تشغيل كل العالم على شبكات، بحيث تكون هناك حكومة إلكترونية». وتحدث ديس عن تجربة شركته التي تقود العالم في الجوائز الإبداعية، داعياً رواد الأعمال في السعودية والخليج إلى «إطلاق جائزة يفوز بها صاحب العمل الذي يوجد أكبر عدد من الوظائف، وهي نموذج لدعوة الجميع إلى تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في توظيف المواطنين والقضاء على البطالة». أما ماتوس فاعتبر أن «الإنترنت أكبر إنجاز شهدته البشرية واستفاد منه الاقتصاديون، فالعالم كله يتجمع على مجمع بحث واحد». وقال: «3 في المئة من الدخل القومي في جمهورية التشيك جاء من خلال الإنترنت، وسيزيد إلى 5 في المئة بعد سنوات، وبالنسبة لفرنسا كان الإنترنت مسؤولاً عن نمو بنسبة 9 في المئة وإيجاد 700 ألف وظيفة خلال 5 سنوات، وسيزيد في الفترة المقبلة من الدخل القومي الفرنسي بشكل كبير». وشهدت الجلسة استطلاعاً للرأي حول التدابير التي ستساهم في زيادة الإنتاج في السعودية، فحصل التعليم أو التدريب على نسبة 59 في المئة من أصوات الحاضرين، وجاءت الممارسات الإدارية في المركز الثاني بنسبة 19 في المئة، واللوائح التنظيمية والسياسية في المركز الثالث بنسبة 16 في المئة.