سيطرت القوات النظامية السورية بدعم روسي على أربعة أحياء على الأقل من مدينة الميادين التي تعد أحد آخر أبرز معاقل تنظيم «داعش» في سورية، وفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان». ومع تقدمها أمس، تمكنت قوات النظام من قطع طريق رئيسي يصل مدينة الميادين الواقعة في ريف دير الزور الشرقي، بمدينة البوكمال الحدودية مع العراق التي تعد بدورها من آخر أبرز معاقل التنظيم والواقعة على بعد ثمانين كيلومتراً. وتعد المدينتان آخر أبرز معقلين متبقيين للتنظيم في سورية بعد الخسائر المتتالية التي مني بها وأبرزها في مدينة الرقة (شمال) التي يقترب من خسارتها بالكامل. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة «فرانس برس»، «تمكنت قوات النظام بقيادة القوات الروسية الموجودة على الأرض من السيطرة على أربعة أحياء على الأقل داخل مدينة الميادين». وتشرف القوات الروسية، وفق عبد الرحمن، مباشرة «على العمليات العسكرية وتشارك في القتال ميدانياً، وتنفذ غارات كثيفة» دعماً لقوات النظام. وتدور في هذه الأثناء، وفق المرصد، «معارك طاحنة» بين قوات النظام والتنظيم داخل المدينة. وبحسب عبد الرحمن، «لم يتبقَّ لتنظيم داعش سوى طريق فرعي يقع بين الطريق الرئيسي والضفة الغربية لنهر الفرات»، موضحاً أنه يمكن للتنظيم سلوكه في حال قرر الانسحاب من الميادين». ويأتي تقدم قوات النظام بعدما تمكنت الأسبوع الماضي من الوصول إلى الأطراف الغربية للمدينة للمرة الأولى منذ عام 2014، قبل أن يبعدها التنظيم الأحد. وتشكل دير الزور منذ أسابيع مسرحاً لهجومين منفصلين، الأول تقوده قوات النظام بدعم روسي في المدينة في شكل خاص حيث تسعى إلى طرد «داعش» من أحيائها الشرقية، وفي الريف الغربي الذي تحاول منه الالتفاف نحو الريف الجنوبي الشرقي. أما الهجوم الثاني، فتنفذه الفصائل الكردية والعربية المنضوية في إطار «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة من واشنطن في الريفين الشمالي والشمالي الشرقي. وبحسب المرصد، فإن وتيرة تقدم هذه القوات أبطأ من قوات النظام. ولا يزال التنظيم يسيطر على أكثر من نصف مساحة محافظة دير الزور بينها مناطق صحراوية واسعة. وأفاد «المرصد» باندلاع معارك طاحنة في مدينة الميادين بين عناصر «داعش» من جانب، وقوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جانب آخر. وعلم «المرصد» أن الاشتباكات العنيفة تتركز في القسمين الغربي والشمالي الغربي من المدينة، نتيجة هجوم عنيف لقوات النظام بدأته أمس من محاور عدة، حيث تمكنت قوات النظام من خلال هجومها الأعنف والأوسع في الميادين من الدخول إلى الميادين والسيطرة على أحياء البلعوم والصناعة والبلوط في المدخل والأطراف الشمالية الغربية لمدينة الميادين، وحي الطيبة في جنوب غربي المدينة، لتتمكن بذلك من قطع الطريق الواصل بين الميادين والبوكمال. إضافة إلى استعادة السيطرة على القسم الغربي للمدينة والذي يتضمن الصوامع والفرن الآلي وقلعة الرحبا ومواقع أخرى. وفي حال تمكنت قوات النظام من إكمال التفافها من جنوب غربي المدينة أو السيطرة على كامل المدينة، فإنها ستحاصر التنظيم في كامل القرى والبلدات الممتدة على الضفاف الشرقية لنهر الفرات من الميادين وصولاً إلى شرق مدينة دير الزور، وتترافق المعارك الطاحنة بين الجانبين مع قصف عنيف ومكثف ومتبادل بين الطرفين، وغارات من قبل الطائرات الحربية الروسية والتابعة للنظام على مناطق سيطرة التنظيم فيها. وعلم «المرصد» بوصول تعزيزات عسكرية ضخمة إلى «داعش» في محافظة دير الزور. وأكدت مصادره وصول نحو 1000 عنصر من التنظيم إلى مناطق سيطرته في ريف دير الزور، خلال ال72 ساعة الفائتة، من جنسيات غير سورية، ومعظمهم من جنسيات آسيوية، وينضوي معظم العناصر تحت راية لواء يدعى ب «لواء القعقاع» العامل في العراق. وانتشر العناصر القادمون على جبهات مختلفة في دير الزور والبادية السورية، وذلك بعد نحو أسبوعين من وصول مئات العناصر من «داعش» من العراق من جنسيات غير سورية، وتنفيذهم لهجوم مع العناصر الموجودين سابقاً على الأراضي السورية والذي استهدف بادية دير الزور الغربية وريفي حمص الشرقي والجنوبي الشرقي. وحصل المرصد على معلومات من مصادر موثوقة، أن العناصر ال1000 القادمين من العراق، يتجمعون ضمن تكتل في تنظيم «داعش» يسمى «القراديش» مؤلف من العناصر من جنسيات أوزبك وطاجيكية وأذرية وتركستانية، حيث استلم هذا التكتل قيادة العمليات العسكرية في مدينة الميادين وريف دير الزور الشرقي، ويعرف عن التكتل عدم ثقته بالعناصر السورية والعربية العاملة في تنظيم «داعش». من ناحيتها، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر عسكري أن وحدات من الجيش تمكنت من السيطرة على حطلة تحتاني والتقدم في مراط بريف دير الزور. وكثفت وحدات من الجيش عملياتها على محور مدينة الميادين بالريف الجنوبي الشرقي وسيطرت على قرية الطيبة الملاصقة للمدينة وتقدمت داخل أحياء الميادين من الجهة الغربية وتحديداً في حي البلعوم والمنطقة الصناعية والمداجن. وأضافت الوكالة أن وحدات من الجيش خاضت اشتباكات عنيفة مع عناصر التنظيم على محور خشام- حطلة شرق نهر الفرات وعلى جبهتي العرفي والصناعة بمدينة دير الزور أدت إلى مقتل وإصابة العديد من عناصر التنظيم. كما تمكنت وحدات الجيش من السيطرة أول من أمس على عدد من النقاط الاستراتيجية شرق نهر الفرات ومحيط مدينة الميادين وحققت تقدماً ملحوظاً بسيطرتها على نقاط مهمة باتجاه جسر السياسية. إلى ذلك، أفادت مصادر أهلية من ريف دير الزور الجنوبي الشرقي بإقدام «داعش» على ذبح 3 أشخاص على دوار الانطلاق في مدينة البوكمال، وذلك بعد يوم من قتل مدني وتعليق جثته على دوار قرية الحصان بالريف الشمالي الغربي. في موازاة ذلك، أعلن «التحالف الدولي» ضد «داعش» في العراق وسورية أن بين 300 إلى 400 عنصر من «داعش» لا يزالون في مدينة الرقة حيث يخوض تحالف من فصائل عربية وكردية معارك لاستعادتها بدعم أميركي. وقال الكولونيل راين ديلن، الناطق باسم التحالف في مؤتمر صحافي في بغداد أمس، «هناك نحو أربعة آلاف مدني ما زالوا في الرقة، فضلاً عن 300 إلى 400 مقاتل من داعش». واستعادت «قوات سورية الديموقراطية»، وهو تحالف عربي كردي، السيطرة على نحو 90 في المئة من المدينة منذ اقتحامها في حزيران (يونيو) الماضي. ويسعى مسؤولون من المجلس المدني في الرقة إلى إجراء مفاوضات من أجل فتح ممر آمن للمدنيين للخروج من المناطق المتبقية تحت سيطرة «داعش». وقال ديلن: «نرى مجموعة من عناصر داعش يستسلمون خلال الأشهر الماضية بمعدل أربعة إلى خمسة أسبوعياً، بينهم أمراء وقادة... كما اعتقل آخرون خلال محاولتهم الهرب بين المدنيين».