أكد وزير الصناعة والمعادن العراقي محمد شياع السوداني، أهمية أن «يكون للقطاع الخاص دور مهم في هذه المرحلة لرسم إستراتيجية النهوض بالواقع الصناعي ودعم الاقتصاد الوطني». مشيراً إلى وجود خطة لاستثمار أهم المعادن المحلية، ومنها الكبريت والفوسفات، خصوصاً أن العراق يحتل الآن المرتبة الأولى عالمياً لجهة حجم الاحتياطات، والثانية لجهة احتياطات الفوسفات. وقال السوداني ل «الحياة»، إن وزارته «قطعت أشواطاً في تأهيل مصانعها وتطوير إنتاجها، باستخدام المبالغ المخصصة للوزارة في الموازنة الاستثمارية السنوية بين عامي 2008 و2014، إذ تمكنت خلالها من إعادة تأهيل بعض خطوطها الإنتاجية، في وقت لا يزال 152 معملاً من أصل 283، تعمل بطاقة غير كاملة لأسباب كثيرة، منها عدم توافر الطاقة الكهربائية وانعدام الطلب على المنتجات بسبب الإغراق بالمنتجات غير المطابِقة والمنافسة غير العادلة». وأعلن أن وزارة الصناعة «تسعى إلى إعادة هيكلة بعض شركاتها لمصلحة القطاع الخاص من خلال تفعيل القرار 492 لعقود المشاركة والقرار 162 للتصنيع للغير، ونعمل حالياً على تهيئة ملفات للفرص الاستثمارية في قطاع البتروكيمياويات والأسمدة بعد الحصول على الموافقات من لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس الوزراء». وأوضح أن ذلك «يسمح للشركات العربية والعالمية بالاستثمار في هذا القطاع المهم، كي يكون حافزاً لصناعات كثيرة في القطاعين العام والخاص». وأوضح أن الوزارة «حرصت في عملها على بلوغ صناعة وطنية منافسة إقليمياً وعالمياً لتحقيق اقتصاد متنوع، يساهم في خلق فرص عمل إضافية واستخدام الموارد بفعالية، وأن يكون للقطاع الخاص دور رئيس فيها لدعم الاقتصاد الوطني». ولفت السوداني إلى أن «برامج الاستيراد غير المدروسة ساهمت في إهدار أموال ضخمة، إذ أنفق العراق على البضائع المستوردة نحو 221 بليون دولار بين عامي 2006 و2014». وأشار إلى أن الوزارة «باشرت تفعيل حزمة من القوانين المشرعة سابقاً، ومنها قانون التعرفة الجمركية وحماية المنتج وحماية المستهلك وقانون الاستثمار الصناعي، وتمضي بإقرار عدد من القوانين التي تحسّن بيئة العمل الصناعي للقطاع الخاص والمستثمرين، خصوصاً المشاريع المتوسطة والصغيرة وقانون الطاقة المتجددة والمدن الصناعية، فضلاً عن الإسراع في إقرار قانون الاستثمار المعدني لاستثمار المصادر المهمة في العراق، من الخامات المعدنية والصخور الصناعية». وأكد السوداني أن «احتياطات العراق من الكبريت الحرّ هي الأعلى عالمياً لجهة الكمية، فيما يأتي الفوسفات في المرتبة الثانية بعد المغرب، فضلاً عن مصادر وفيرة من حجر الكلس ورمال السيلكة وأطيان الكاؤولين والبنتونايت وغيرها من المعادن الأخرى، التي تدخل في الصناعات المتعددة». وأشار عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النائب فارس الفارس إلى «وجود مساعٍ إلى استثمار موارد العراق من الكبريت والفوسفات والتي تتوافر بكميات ضخمة جداً، خصوصاً في محافظة الأنبار». واعتبر أن «استثماره محلياً أمر صعب، ويجب أن تدخل شركات استثمارية عالمية متخصصة بهذا المجال». وقال الفارس ل «الحياة»، إن «الشركات الحكومية التابعة لوزارة الصناعة فشلت في إبقاء العراق بلداً منتجاً للكبريت والفوسفات، ولذلك برزت مطالب باستثمار هذه الموارد الطبيعية من قبل القطاع الخاص وبدء مرحلة إعلانها كفرص للاستثمار الأجنبي، القادرة على تأمين مورد إضافي يعجز نفط العراق عن تأمينه لخزينة الدولة». ويشكل كبريت حقل المشراق في محافظة نينوى، أكبر ترسب كبريت طبقي في العالم، ويبلغ احتياط العراق من الكبريت الخام نحو 600 مليون طن ذي المنشأ العضوي، ويشكل الاحتياط نحو 36 في المئة من الاحتياط العالمي الذي يمكن استخراجه بأسلوب فراش، ونحو 17 في المئة من الإجمالي من أشكال الكبريت الأخرى. ويملك العراق أيضاً الاحتياط الأول في مادة الفوسفات وبكميات تصل إلى 10.8 بليون طن، لكن هذه الاحتياطات الضخمة من الكبريت والفوسفات بقيت ومنذ اكتشافها منتصف القرن الماضي، غير مستغلة اقتصادياً لوجود قانون يعدها أشبه بالموارد النفطية التي يحظّر استثمارها من قبل القطاع الخاص، ولكن الظروف الأمنية حالت دون استثمارها بعد عام 2003 ووقوعها في مناطق اتصفت بالسخونة طيلة السنوات الماضية، وهي محافظتا نينوى والأنبار. وكشف الفارس، عن «تحريك ملف استثمار مواقع لإنتاج الفوسفات، بعد تحرير أراضي الأنبار في شكل كامل من تنظيم داعش، وسيُعلن خلال فترة وجيزة عن إحالتها على إحدى الشركات الأوروبية لاستثمارها عبر نظام المشاركة في نسب الإنتاج». ولفت إلى أن «ندرة التمويل المخصص لوزارة الصناعة حال دون إعادة تأهيل هذه الشركات وبدء الإنتاج، على رغم أن إنتاج العراق من مادة الكبريت كان يزيد على مليون طن سنوياً وأكثر من 3 ملايين طن من الفوسفات». وشدد على أن «قطاع الفوسفات يعدّ من القطاعات الواعدة بسبب حجم الاحتياط الكبير ونسب النقاوة الأعلى عالمياً، وهناك العشرات من الشركات الأوروبية والأميركية وحتى العربية، التي تقدمت للفوز بعقد الاستثمار، ولكننا نحرص على منح مثل هذه الملفات لشركات رصينة تملك الخبرة ورأس المال». وأكد رئيس «هيئة المسح الجيولوجي» في وزارة الصناعة والمعادن صفاء الدين فخري، أن «الهيئة مستمرة في تحديث خريطة المسح الجيولوجي، وقدمت خريطة استكشافية مفصلة لهيئة الاستثمار بهدف بدء استغلال الموارد الطبيعية في العراق». وأوضح أن «كل الثروات الطبيعية معروضة للاستثمار حالياً، بعدما كانت القوانين السابقة تمنع ذلك». وتتلخص مهمة «هيئة المسح الجيولوجي» في اكتشاف كل الموارد الطبيعية الفلزية وتحديدها، مثل الحديد والنحاس والخارصين وغير الفلزية مثل الكبريت والفوسفات. ولم يخفِ «وجود مشاكل تعوّق عمليات الاكتشاف، تتعلق بقلة المخصصات المالية، خصوصاً أن الهيئة لا تقبض ثمن خدماتها الاستكشافية وغيرها، على رغم أنها تحقق عائدات مالية لمصلحة الخزينة الحكومية بنسب ثابتة عن المواد المنتجة». وأوضح أن «احتياطات الثروات الطبيعية متغيرة إما في اتجاه الزيادة في حال أضيفت إليها كميات مستكشفة جديدة، أو تتعرض للاستنزاف وتقل تدريجاً، ولكن في حالة العراق هي في زيادة مستمرة بسبب عدم استثمارها في الشكل الأمثل». ولفت فخري إلى أن «في محافظة الأنبار فقط 1.3 بليون طن من مادة الفوسفات قابلة للزيادة، لكن لا تتوافر شركة قادرة على استثمار كميات كهذه، وهنا يمكن أن تعطى الى 100 مستثمر، لذا توجد معارضة في شأن تمليك الأرض للمستثمرين الأجانب ضمن قطاع التعدين، لأنها يمكن أن تحوي مواد أخرى غير المستثمرة». وعن إمكان عرض استثمار هذه الثروات ضمن جولات تراخيص، كما هي الحال في القطاع النفطي، قال فخري «هذا الأمر غير ممكن حالياً، بسبب وجود معادن مختلفة في المنطقة ذاتها، وليست هناك شركات تتخصص بأكثر من مادة». ووفق توقعات خبراء، فإن استثمار هذه المواد الطبيعية، أي الكبريت والفوسفات والسليكا العالية النقاوة، يمكن أن تؤمن لخزينة الدولة ما بين 4 و6 بلايين دولار.