صرّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت بأن المعارضة السورية المدعومة من أنقرة باشرت عملية جديدة في محافظة إدلب، شمال غربي سورية التي تسيطر «هيئة تحرير الشام» التي تعد «جبهة النصرة» سابقاً أبرز مكوناتها، على الجزء الأكبر منها. وقال أردوغان في خطاب ألقاه خلال الاجتماع التشاوري والتقييمي لحزب العدالة والتنمية المنعقد في ولاية «أفيون» التركية: «اليوم تجرى عملية جدية في إدلب وستستمر خلال المرحلة القادمة. نتّخذ خطوة جديدة لتحقيق الأمن في إدلب في إطار مساعينا الرامية لتوسيع نطاق «درع الفرات». ورداً على أسئلة الصحافيين، أوضح أن «الجيش السوري الحر» يقوم بالعملية، مشدداً على أن الجيش التركي «ليس موجوداً بعد» في إدلب. وتابع: «الجيش التركي سيقوم بتأمين داخل مدينة إدلب، والروس سيؤمنون الأرياف وسنخطو هذه الخطوة لحماية المدنيين هناك». وأضاف: «سندخل إدلب لتكون مكاناً آمِناً لملايين السوريين على رغم كل المحاولات لمنعنا من ذلك». وأكد الرئيس التركي: «سنتخذ إجراءات لتأمين إدلب حتى يعود اللاجئون السوريون إليها، ولن نسمح بإقامة دويلات لتنظيمات «إرهابية» على حدودنا»، مضيفاً: «سنحمي مواطنينا في المدن الجنوبية، وكذلك المواطنين السوريين». وقالت قناة «إن.تي.في» التلفزيونية إن إردوغان أبلغ الصحافيين بعد كلمته بأن روسيا تدعم العملية من الجو في حين تدعمها القوات التركية من داخل حدود تركيا. وكان مسؤول كبير في المعارضة السورية المسلحة قال إن فصائل تابعة ل «الجيش السوري الحر» تستعد لدخول مناطق خاضعة لسيطرة الإرهابيين شمال غربي سورية، بدعم من قوات تركية. ونقل موقع «الدرر الشامية» عن مصادر «خاصة» تأكيدها أن الجيش التركي بدأ صباح أمس بإزالة الجدار الفاصل على الحدود مع سورية عند قرية كفرلوسين بريف إدلب. وفي السياق ذاته، أشارت مصادر إعلامية الى أن هذه الخطوة تزامنت مع وصول 1500 مقاتل من «الجيش السوري الحر» إلى مدينة أنطاكية التركية القريبة من الحدود السورية. وبثت «كتائب الحمزة»، وهي أيضاً جزء من حملة «درع الفرات»، تسجيل فيديو على الإنترنت لما قالت إنه قافلة لقواته تتجه صوب إدلب. وأرسل سكان قرب معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في سورية صوراً لرويترز، لما قالوا إنه قطاع من الجدار الحدودي تزيله السلطات التركية. وأضاف المسؤول مصطفى السيجري التابع ل «لواء المعتصم» المنضوي تحت لواء «الجيش السوري الحر» أن الفصائل التي تمثل جزءاً من حملة «درع الفرات» التي بدأت العام الماضي على حدود تركيا مع سورية لم تبدأ بعد العملية. وتابع: «الجيش السوري الحر بدعم من القوات التركية أصبح على جاهزية كاملة لدخول المنطقة لكن حتى هذه اللحظة لم يحدث تحرك». وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن مقاتلين في المعارضة السورية سيشنون عملية عسكرية كبرى بدعم من قوات تركية من داخل تركيا، في محافظة إدلب شمال سورية التي يسيطر متشددون على مناطق واسعة منها. وقال مقاتلون في المعارضة السورية إنهم يعدون لبدء عملية في إدلب قريباً وقال سكان إن السلطات التركية تزيل أجزاء من جدار حدودي. ويبدو أن العملية، وهي جزء من اتفاق بين تركيا وإيران وروسيا تهدف إلى القضاء على هيئة تحرير الشام وهي تحالف سيطر على معظم محافظة إدلب وشمال غرب سورية. وتدعم الدول الثلاث طرفين متناحرين في الصراع السوري الدائر منذ أكثر من ست سنوات، إذ تدعم تركيا مقاتلين في المعارضة يسعون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد فيما ساعد دعم عسكري من روسيا وإيران الأسد على إلحاق هزائم بهم. إلا أن تصريحات أردوغان تشير إلى أن روسياوتركيا ستقاتلان معاً ضد تحرير الشام وهو تحالف تقوده جبهة النصرة التي كانت تابعة لتنظيم «القاعدة» وغيرت اسمها العام الماضي. وقال أردوغان في كلمة لحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه: «هناك عملية كبيرة في إدلب السورية اليوم وستستمر لأننا يجب أن نمد يد العون لأشقائنا في إدلب ولأشقائنا الذين وصلوا إلى إدلب». مضيفاً أن تركيا لن تسمح بوجود «ممر إرهابي» على حدودها مع سورية. وتابع: «الآن اتُخذت هذه الخطوة وهي جارية... في الوقت الراهن، ينفذ الجيش السوري الحر العملية هناك... روسيا ستحمي الحدود الخارجية (لمنطقة إدلب) وسنتعامل مع الداخل». وأضاف: «روسيا تدعم تلك العملية من الجو وقواتنا من داخل الحدود التركية». وقال مصطفى السيجري وهو مسؤول بارز في لواء المعتصم، وهو جماعة في المعارضة تشارك في العملية، إن الطائرات الروسية لن تدعم مقاتلي المعارضة عسكرياً. وتابع قائلاً: «بالنسبة للروس، لن يكون عندهم أي دور في مناطق سيطرتنا على الإطلاق. دور الروس فقط في مناطق سيطرة النظام». يذكر أن الدول الضامنة لمفاوضات آستانا، أي روسياوتركيا وإيران، توصلت في وقت سابق من العام الحالري إلى اتفاق في شأن إقامة 4 مناطق لتخفيف التوتر في سورية، وهي غوطة دمشقالشرقية بالإضافة إلى محافظتي حمص وحماة ومناطق جنوب البلاد عند الحدود مع الأردن، ومحافظة إدلب الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة. وعلق مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن أمس على إعلان اردوغان عن عملية «الجيش السوري الحر» في إدلب بالقول: «عندما أعلنت جبهة النصرة في 2012 عن نفسها في سورية كجزء من تنظيم القاعدة العالمي احتضنها العديد من السياسيين ومدعي المعارضة السوريين واعتبروها كجزء من المعارضة السورية ودافعوا عنها في المحافل الدولية، واليوم يتنصلون من أفعالهم وتصريحاتهم، وروسيا تدعم العملية التركية في إدلب لأن هذا الاتفاق تم بين روسياوتركيا وإيران لمحاربة تنظيم «هيئة تحرير الشام». وأضاف: «روسيا شردت أكثر من 150 الف مدني في ريف دير الزور ولا نعتقد بأن هذا الاتفاق مع تركيا يأخد في الاعتبار مصير المدنيين ممن سيجبرون على النزوح نتيجة هذه العملية، ومصير المدنيين في إدلب والذين قتلت منهم طائرات النظام يوم أمس حوالى 14 مدنياً لا يعني اردوغان ولا بوتين». ونسب «المرصد السوري» الى مصادر موثوق بها أن اجتماعاً عقد في معبر باب الهوى الحدودي بين إدلب ولواء إسكندرون، ولا يزال مستمراً إلى الآن، نظَّمه معارضون سوريون في الداخل السوري، نجم عنه تشكيل «حكومة إنقاذ وطني»، وتم خلاله انتخاب رئيس ل «حكومة الإنقاذ» هو الدكتور محمد الشيخ المتحدر من محافظة إدلب. وأكدت المصادر أن أعضاء ومكاتب وعمل هذه الحكومة ستكون في الداخل السوري. وأضاف «المصدر» أن الحكومة تعارض التدخل التركي – الروسي – الإيراني في الداخل السوري، كما تعارض الاقتتال بين الفصائل والحركات العاملة على الأرض السورية.