حمّلت الحكومة الإسبانية انفصاليي كاتالونيا مسؤولية «انكسار التعايش» في الإقليم، ودعت إلى حلّ برلمانه وتنظيم انتخابات مبكرة لتجاوز الأزمة، بعد تهديد كاتالونيا بإعلان أحادي للاستقلال اثر استفتاء في هذا الصدد. تزامن ذلك مع خطوتين ايجابيتين من مدريد، اذ اعتذر ممثل الحكومة الإسبانية في كاتالونيا عن عنف الشرطة خلال الاستفتاء الأحد الماضي، فيما امتنع القضاء الاسباني عن توقيف قادة أبرز الحركات الاستقلالية وقائد الشرطة في الإقليم، بعد الاستماع اليهم. ودعا الناطق باسم الحكومة المركزية إينييغو مينديز دي فيغو سلطات كاتالونيا الى التخلى عن محاولة الانفصال، من اجل بدء حوار. وأضاف بعد جلسة للحكومة: «من اجل الحوار، يجب ان يبقى المرء ضمن الاطار القانوني». وحذر الكاتالونيين من ان اعلان البرلمان استقلال الاقليم «ليس كافياً»، اذ على المجتمع الدولى الاعتراف بالدول المستقلة. وتابع: «سيكون جيداً البدء بتضميد الجرح، مروراً ببرلمان كاتالونيا عبر انتخابات في الإقليم». وفي بادرة لافتة، اعتذر الممثل الرسمي للحكومة المركزية في كاتالونيا إنريك ميلو عن عنف الشرطة مع مصوّتين ومحتجين أثناء الاستفتاء، قائلاً: «حين أرى الصور وأعرف أن هناك أناساً تعرّضوا لضرب ودفع، بل وأن شخصاً أُدخل مستشفى، فلا يمكنني إلا أن أعبر عن أسفي، وأعتذر نيابة عن الشرطيين الذين تدخلوا». واستدرك محملاً الحكومة الكاتالونية مسؤولية الوضع، من خلال تشجيعها السكان على التصويت على رغم أن المحكمة الدستورية أمرت بتجميد الاستفتاء. وأرجأ الرئيس الانفصالي لكاتالونيا كارليس بيغديمونت إلى الثلثاء المقبل خطاباً كان يُفترض أن يلقيه الإثنين في برلمان الإقليم، ل «عرض الوضع السياسي» بعد الاستفتاء. أتى ذلك بعدما جمّدت المحكمة الدستورية جلسة كانت مقررة للبرلمان بعد غد الإثنين، ستناقش نتيجة الاستفتاء وقد تشهد إعلان استقلال الإقليم عن إسبانيا. لكن راوول روميفا، وهو مسؤول في حكومة الإقليم، أكد أن برلمان كاتالونيا سيتحدى الحظر وسيجري الاثنين مناقشة قد تؤدي إلى إعلان الاستقلال. اما رئيسة البرلمان كارمي فوركاديل، فاعتبرت ان قرار المحكمة «يضرّ بحرية التعبير وبحق النواب في اتخاذ مبادرة ويثبت مرة أخرى كيف تُستخدم المحاكم لتسوية مشكلات سياسية». وأكدت ان البرلمان لن يقبل «رقابة»، مستدركة انه لم يتخذ قراراً في شأن عقد الجلسة الاثنين. ونقلت صحيفة «الموندو» الإسبانية عن النائب كارليس ريرا من حزب «ترشيح الوحدة الشعبية» المؤيّد للاستقلال، أن الأحزاب الانفصالية في برلمان الإقليم تناقش إعلاناً للاستقلال سيُقدّم للبرلمان الثلثاء المقبل. وأضاف: «لم يطرح أحد أي سيناريو لتأجيل أو غموض أو ارتباك. لا نضع ذلك السيناريو في الحسبان». في مدريد، استمعت المحكمة الوطنية الى قائد الشرطة في كاتالونيا جوزب لويس ترابيرو وزعيمَي المنظمتين الانفصاليتين الرئيستين جوردي كوشارت وجوردي سانشيز، وهم ملاحقون بتهمة العصيان. كما استمعت المحكمة الى مساعدة قائد الشرطة تيريزا لابلانا، ولكن عبر الفيديو. وقالت ناطقة باسم المحكمة إن القضاة لم يفرضوا أي اجراء لمراقبة قضائية. لكن سانشيز اكد ان مجموعته لا تعترف ب «أهلية المحكمة» وأنه «لم يرتكب اي جنحة». الى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية السويسرية أن سويسرا تتواصل مع إسبانيا وكاتالونيا في شأن تسوية خلافهما، مستدركة أن الظروف ليست مواتية حتى الآن للوساطة في محادثات. وقال ناطق باسم الوزارة: «الوساطة ممكنة فقط إذا طلبها الطرفان. سويسرا على اتصال بالطرفين، لكن ظروف الوساطة ليست متوافرة في هذه المرحلة». ووصف الموقف في الإقليم بأنه شأن سياسي إسباني داخلي، مؤكداً أن سويسرا تحترم سيادة إسبانيا. أما رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس، ويتحدر من برشلونة، فحذر من أن «تفكيك إسبانيا يعني تفكيك أوروبا»، وزاد: «إذا فتحنا علبة باندورا هذه، ستكون بلاد الباسك غداً، وبعدها منطقة الباسك الفرنسية، وبعدها شمال إيطاليا، وبعد ذلك حرب».