يرقص التسعيني أوسكار والثمانينية نينا، التانغو منذ أربعينات القرن الماضي، وقد شاركا سويا أخيراً في بوينس آريس في بطولة العالم لرقص التانغو الذي يشكل لهما علة البقاء وإكسير الشباب. هما يرقصان منذ سبعة عقود، لكن تعارفهما يعود إلى 15 سنة خلت، خلال أداء راقص على أنغام التانغو. ويستذكر أوسكار بروسكو البالغ 90 سنة «لقد مرت من أمامي فوقعت في غرامها. دعوتها للرقص ومذاك نحن نرقص معاً». ولا يزال هذان الأرملان يواظبان على الرقص بواقع أربع مرات إلى خمس أسبوعياً على رغم سنيّ عمرهما المديد التي تثقل كاهلهما. وقد تعلم أوسكار الذي يحتفظ برشاقته وأناقته، الرقص على شرفات حي باركه باتريسيوس في جنوب العاصمة الأرجنتينية، حيث يتدرب رجال ونساء في شكل منفصل قبل التوجه إلى قاعات الحفلات الراقصة التي تعزف فيها فرق موسيقية في شكل مباشر. وتوضح نينا تشودوبا البالغة من العمر 82 سنة، أن «التانغو بمثابة الماء والهواء فينا، وقعنا في الحب خلال رقص التانغو، التانغو رفيقنا في السراء والضراء». لم يفز الثنائي بالبطولة، لكنهما حصدا تصفيقاً على مسرح قاعة لونا بارك للحفلات في العاصمة الأرجنتينية، حيث كانا يشاركان في المنافسة مع نحو أربعين ثنائياً آخر، هم جميعاً من المحترفين من أتراب أحفادهم الخمسة عشر. وفي كل يوم جمعة، يلتقيان في قاعة لا بالدوسا في حي فلوريس الشعبي، حيث كبر البابا فرنسيس. وفي الأسبوع الذي سبق بطولة العالم، تداعت نخبة راقصي التانغو للالتقاء في هذا المكان التاريخي. وتهافت أزواج من روسيا والمجر واليابان وإندونيسيا وتشيلي ورومانيا، لالتقاط الصور مع نينا وأوسكار لطلب الإرشاد منهما. وتقول أدريانا وهي راقصة في سن الثلاثين «لقد أسسا نمطاً خاصاً بهما. لا شيء اصطناعياً في طريقة رقصهما». يرتب أوسكار بزته ويعقد ربطة عنقه قبل الدخول إلى حلبة الرقص مع نينا التي كانت ترتدي فستاناً مخملياً أحمر وتنتعل أحذية بكعب عال من اللون عينه. وتقول نينا وهي ابنة مهاجر بولندي إلى بوينس آريس «أصابع اليد يجب أن تكون متشابكة، على هذا الشكل، هل ترى؟ التانغو اتحاد الجسد والروح». وتغلبت هذه الأرملة على السرطان في سن الخمسين، وبات التانغو أسلوب حياة لها يكمل عملها كخياطة. وتبدي أسفها لأن الراقصين المهرة الشباب «يرحلون كسرب من السنونو ليحققوا شهرة في الخارج. هنا لا فرص عمل كثيرة للراقصين والموسيقيين». وفي كواليس قاعة لونا بارك، يحيي خوان مانويل روزاليس وزوجته ليزا، اللذان وصلا إلى نهائيات بطولة العالم، الثنائي الراقص المخضرم. ويقول روزاليس «هما عاشا العصر الذهبي للتانغو في الأربعينات، كان المجتمع بأسره يرقص التانغو». أما اليوم فقلة من الشباب الأرجنتيني ترقص التانغو على رغم وجود بعض النوادي المخصصة لهذه الرقصة. وفي وقت يجري راقصون آخرون تدريباتهم من خلال إعادة الخطوات الراقصة مع سماعات في الأذنين قبل الدخول إلى حلبة الرقص، ينطلق أوسكار ونينا بخطوات واثقة في القاعة. ويقول الراقص المسن «أرقص منذ 1945، فلم نتدرب؟ قطعنا شوطاً طويلاً في هذه الرقصة». فقد كان في سن السابعة عشرة فقط عندما بدأ تقديم العروض. أما نينا فترى في التانغو «مشاعر وذكريات الشباب والأصدقاء والحب وكل ما يجعل المرء سعيداً... هذا ما نشعر به عند سماع موسيقى التانغو»، مضيفة أن هذه الرقصة «أعطتني كل شيء، الحب والشغف والأبناء الذين أنجبتهم كثمرة رقصي للتانغو».