لم يجد مواطن وسيلةً للمطالبة بأطفاله الموجودين لدى مطلقته سوى التهديد بحرق نفسه أمام عدد من ممثلي القطاعات الحكومية والخاصة خلال اجتماعهم ظهر أمس (الإثنين) في مقر فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في محافظة جدة. وفوجئ الحضور خلال اجتماع لدرس ظاهرة العنف في المجتمع بمواطن في العقد الرابع يقتحم قاعة الاجتماع حاملاً «غالون» بنزين، على الفور بسكبه على جسده وإشهار «ولاعة» كانت في حوزته، مهدداً بإشعال النيران في جسمه إذا لم تحقق مطالبه. وعلى رغم صدمة الحضور بالموقف، إلا أنهم وجدوا أنفسهم مجبرين على الحكمة والهدوء في التعاطي ومحاولة إقناع المواطن بالعدول عن قرار الانتحار، واستمرت تلك المحاولات التي شارك فيها ممثلو قطاعات الشرطة والهلال الأحمر والدفاع المدني ومسؤولي فرع الجمعية نحو 20 دقيقة، أصر خلالها المواطن أن لا وسيلة لديه لإنهاء معاناته سوى الانتحار وحرق نفسه بعد أن أصبح مهدداً بالسجن، ومطلوباً للتوقيف على خلفية حكم صادر في حقه لمصلحة مطلقته لدفع متأخرات نفقتها ونفقة أبنائه البالغة 45 ألف ريال ولا يستطيع الوفاء بها، خصوصاً أنه لا يملك سوى إعانة شهرية لا تتجاوز 800 ريال تصرف له من الشؤون الاجتماعية وعدم رؤيته لأطفاله منذ سبعة أعوام. ونجحت جهود ال20 دقيقة في إقناع المواطن بالعدول عن محاولة الانتحار، وتذكيره بحرمة مثل هذا التصرف الذي يعد جريمة في حقه وحق المجتمع، وبادر على الفور رجال الدفاع المدني والهلال الأحمر لإسعافه نتيجة إصابته بدوار جراء استنشاق مادة البنزين بكمية كبيرة. وذكر الناطق الإعلامي في شرطة محافظة جدة العميد مسفر الجعيد أن ما قام به المواطن يعد محاولة اعتداء على النفس. وقال: «مثل هذا العمل يعد محرماً شرعاً، ويحال مرتكبه إلى أقرب مركز شرطة للتحقيق معه، وأخذ إفادته حول أسباب ومبررات محاولته قتل نفسه من خلال الانتحار واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامته وعدم تكرار المحاولة، إضافةً إلى درس الحالة من قبل الاختصاصيين والإسهام مع الجهات ذات العلاقة في الوصول إلى حلول لإنهاء معاناته». وكان فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان استضاف ظهر أمس (الإثنين) اجتماع اللجنة المكلفة بدرس ظاهرة العنف وإعداد دليل إرشادي، وضم إلى جانب القطاعات الأمنية ممثلين من هيئة حقوق الإنسان «القسم النسائي» وإدارة الحماية التابعة للشؤون الاجتماعية، وإدارة الحماية في الشؤون الصحية، وجمعية حماية الأسرة، والمكتب القانوني المكلف بإعداد دليل للإجراءات والإرشادات التي سيتم تعميمها للتعامل مع ظاهرة العنف في المجتمع، ومناقشة آليات الشراكة والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة كافة، والتي ستتواصل نقاشاتها خلال اجتماعات أخرى تتناول الطرق التي تتبع في استقبال حالات العنف خصوصاً الأسري، ومن ثم صياغة توصيات تلك اللجنة في دليل إرشادي يطبق في منطقة مكةالمكرمة في المرحلة الأولى، وتعميمه حال نجاحه لبقية المناطق.