تسعى الحكومة الجزائرية إلى احتواء موجة احتجاجات، بعضها سياسي ومعظمها اجتماعي، مرشحة للاتساع، بإبدائها مرونة في التعاطي مع المطالب. لكن هذه المرونة شجعت موظفين في قطاعات حكومية لرفع مطالبهم، مثل «الحرس البلدي» والجامعات وجهاز العدالة ووزارة الاتصال ووكالة الأنباء الرسمية. ولا ينوي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إجراء تعديل حكومي قريباً، إذ تؤكد مصادر رفيعة أن تغيير حكومة الوزير الأول أحمد أويحي ورقة أخيرة يحتفظ بها الرئيس في مواجهة أي اتساع محتمل للاحتجاجات. وبعد مسيرة آلاف من عناصر الجهاز الأمني «الحرس البلدي» في قلب العاصمة، ازدادت حدة الاحتجاجات في الجامعات التي لم تعرف استقراراً منذ أسابيع، كما تكررت الاحتجاجات أمام مقر وزارة التعليم العالي. ولم يترك عمال وموظفو جهاز العدالة الفرصة تمر من دون تسجيل موقف أمام مقر وزارة العدل، فنظم مئات منهم احتجاجاً بمطالب مهنية. وفي اليوم نفسه، شهدت وكالة الأنباء الرسمية ووزارة الاتصال حركة احتجاجية محدودة يطالب أصحابها أيضا بالتفاتة مهنية. وحين بدأ وزراء في الحكومة في التحاور مع المحتجين، خرج مئات أمس، في وقفة أمام وزارة الإسكان حاملين شعارات تقول: «بوتفليقة هو الحل»، لكنها تندد ب «إقصائهم» من برنامج سكن إيجاري يعود لعشر سنوات. وتعمل الحكومة بكامل طاقتها لمجابهة حراك الشارع، فيما يشهد المحيط الإقليمي ثورات شعبية تخشى امتدادها. وتصر «تنسيقة التغيير» التي تضم بعض القوى المعارضة على تنظيم مسيرات هذا الشهر بين مدن وهران وغرداية وعنابة والجزائر العاصمة، في حين يصر جناح آخر يقوده حزب «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» على تنظيم مسيرات كل سبت، ما يسبب صداعاً أسبوعياً للسلطات، رغم عدم قدرة الداعين على حشد أعداد كبيرة في المحاولات الخمس السابقة. وأبلغت الحكومة الإدارات المحلية عشرات التعليمات التي توصي ب «الليونة» في التعاطي مع «المطالب المشروعة للجزائريين». وينظر مجلس حكومي اليوم في سلسلة من التدابير المتعلقة بتبسيط الإجراءات وتخفيف البيروقراطية، بداية من ملفات طلبات التشغيل ووثائق الهوية، وصولاً إلى ملفات القروض بكل أنواعها وقطاع الاستثمارات. أما سياسياً، فيتوقع أن يوسع الرئيس مشاوراته في شأن تعديل الدستور وإجراء انتخابات برلمانية ومحلية مبكرة إلى أحزاب سياسية خارج التحالف الرئاسي. وقالت مصادر إن تعديل الدستور قد يطرح على استفتاء شعبي في النصف الثاني من العام الحالي.