الوضع في كردستان العراق، إن لم يكن أسوأ من تونس ومصر، في الفساد والاستبداد، فإنه يوازيه. وهذا من دون نسيان أن الطبقة الحاكمة في كردستان مزيج من القومي والديني والعلماني، تطغى عليه الطباع القبلية. والميزة التي يتميّز به النظام الحاكم في كردستان العراق عن النظامين التونسي والمصري البائدين، أن رئيس الحزب لا يستقيل من الحزب، حتّى لو صار رئيساً للدولة! فالرئيس العراقي جلال طالباني، ورئيس الإقليم مسعود البارزاني، مثال على ذلك. فهذا الصنف من «الديموقراطيّة» أقرب للأنموذج البعثي حيث رئيس الدولة لا يتخلّى عن رئاسة حزبه، وكأنّ الحزب قبيلة سياسيّة! بديهي أن هذا الكلام لا يطيقه الزعيمان الكرديان، ولا محازبوهما، ولا الحاشية وحاشية الحاشية! فوفقاً لهم، ينبغي أن نتستر على عيوبنا، ونتعامى عن قبائحنا، ونتحدّث عن عيوب وقبائح الأعداء فقط، وكل من يشذّ عن هذه القاعدة، مارق وخائن. في أوّل خطاب له تعليقاً على التظاهرات الاحتجاجيّة، يوم 17/2/2011، تحدّث البارزاني بطريقة لا تختلف كثيراً عن خطاب القذّافي، فوصف المتظاهرين ب «المجرمين»، وبالعمل لمصلحة «أعداء الشعب»، وطالب بملاحقتهم ومعاقبتهم. لكنه، سرعان ما خفف اللهجة، وتراجع، أمام استمرار التظاهرات الاحتجاجيّة واتساع رقعتها. وقد تفاجأ الحزبان الكرديان الحاكمان بهول ما يحدث، واتساع دائرة الاحتجاج، وبدآ يشعران بأن الأرض تهتزّ من تحت سلطتهما وسلطانهما! وتلك التظاهرات لم تربطها علاقة بالمعارضة الكرديّة الرسميّة، بل أتت من خارجها. لكن تلك المعارضة (حركة كوران/التغيير، والاتحاد الإسلامي، والحركة الإسلاميّة) حاولت استثمار الاحتجاجات وسعت الى تحصينها. وقد يقال الكثير في نقد تلك المعارضة وفساد بعض أحزابها، لكنها تبقى أفضل من السلطة لجهة تبنّيها حزمة من المطالب الإصلاحيّة، قدّمتها إلى رئاسة الإقليم والحزبين الحاكمين، يوم 3/3/2011، كمشروع للخروج من الأزمة المتفاقمة. * كاتب كردي مقيم في بلجيكا