في القائمة الأخيرة التي نشرتها صحيفة «الراديكال» التركية للكتب الأكثر مبيعاً بحسب الأرقام التي تفيد بها أكبر المكتبات وأهم دور النشر في تركيا، لم تأتِ النتائج مخالفة للتوقعات، إذ احتلّ كتاب أورهان باموك الجديد «مقتطفات من المشهد: الحياة، الشوارع، الأدب» صدارة اللائحة التي ضمّت الكتب العشرة الأوائل من حيث نسبة المبيعات. وهذا الكتاب هو الرقم 12 في مسار باموك الأدبي، ولا شكّ في أنّ فوزه بجائزة نوبل عام 2006 وانتشار أعماله في كلّ دول العالم وترجمتها إلى أكثر من خمسين لغة وبيع أكثر من 7 ملايين نسخة منها جعلت منه أيقونة الأدب التركي المعاصر ورسّخت اسمه كرمز من رموز الكتابة في تركيا. ويُمكن القول إنّ اسم أورهان باموك كان بحدّ ذاته ضمانة لنجاح كتابه الأخير الذي يضمّ نصوصاً عن العائلة والطفولة وإسطنبول وشوارعها وكرة القدم في أزقتها وعن عالمه أيضاً. وتضمّ القائمة، إلى جانب باموك، كتّاباً أتراكاً معاصرين كالروائية أليف شفق التي حصدت شهرت واسعة بعد روايتها «لقيطة إسطنبول»، وقد احتلّ كتابها الأخير «عشق» المراتب الأولى في المبيعات. أمّا الكاتب التركي المعروف في الأوساط الشعبية كما النخبوية أحمد أوميت فاحتلّ المركز الثاني في القائمة من خلال إصداره الجديد «ذكريات إسطنبول». ولا شكّ في أنّ نجاح أعمال هؤلاء الكتّاب يشي باهتمام متزايد في الأدب المعاصر الذي تمثّله اليوم مجموعة من الكتّاب المنخرطين في النضال من أجل الديموقراطية في البلاد. فباموك وشفق مثلاً كانا ملاحقين من العدالة وأجهزة الدولة في تركيا بين العامين 2005 و2006 بتهمة الإساءة إلى القومية التركية لما أثاراه في كتاباتهما من «تابوات» وقضايا تُصنّف كمحرّمات تقليدية في تركيا مثل مأساة الأرمن والأكراد والمجازر التي تعرّضوا لها. هذا إلى جانب الكاتب أحمد أوميت الذي استطلع انحرافات السلطة عبر عمله الأخير «الدمية» الذي جاء منغمساً في القضايا السياسية الواقعية في تركيا. كما أنّ كتاب «هرانت» للكاتبة طوبى كاندار يدخل، وبحسب قائمة «الراديكال»، بين الكتب العشرة الأوائل في تركيا. ويأتي هذا العمل كهديّة إلى روح الصحافي الأرمني- التركي هرانت دينك الذي اغتيل على يد أحد المتطرفين الأتراك عام 2007. وشكّل اغتياله صدمة كبيرة في البلاد وأثار بلبلة بعدما عادت قضية الأرمن إلى الواجهة. وكما هو معلوم، اشتهر هرانت في حياته بمناهضته العلنية وانتقاده الشديد للإبادة الجماعية التي تعرّض لها الأرمن على يد السلطة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى. ويأتي النجاح الباهر الذي حققه كتاب «دموع الحب: تبريزلي سيمس» لسينان يغمور المتخصّص في الشؤون الدينية ليعكس الوجه الآخر من المجتمع التركي الذي يستهويه مذاق الأدب التاريخي- الديني. وهذه الجهة التي تُمثّلها الطبقات المتوسطة المحافظة تهوى «الجداريات» التاريخية والدينية في الكتب كما في السينما والتلفزيون. ولا شكّ في أنّ هذه الطبقات المسلمة المتوسطة ظهرت في شكل أوضح منذ زهاء عشرين سنة إثر التحولات الاقتصادية التي حدثت في البلاد. والمفارقة أنّ كتاب يغمور الذي حقّق رواجاً كبيراً بين قرّاء هذه الطبقات نُشر في مدينة «كونيا» الأناضولية المحافظة حيث استقرّ جلال الدين الرومي كما يؤكّد «ميفلينا»، مؤسس جماعة الدراويش الصوفية. إنّ رصد هذه القائمة بدقّة لا تُشير فقط إلى بعض جوانب المشهد الثقافي التركي، بل إنّها تكرّس توجهات المجتمع التركي الذي يتقاسمه «المحافظون» و»الديموقراطيون». هذا بالإضافة إلى أنّ تفوّق الكتب التركية على غيرها من الكتب الأجنبية إنما يدلّ على اهتمام الأتراك بأدبهم على اختلاف تياراته. ومع ذلك يبقى داخل هذا المجتمع المتخبّط في قضاياه ومشاكله الداخلية من يهتم ببعض الإصدارات الأجنبية التي تحمل توقيع كتّاب لا يُمكن تجاهلهم لما يُمثلونه من حضور قوي في الساحة الثقافية العالمية أمثال ستيغ لارسون وجان كريستوف غرانج صاحب العمل الشهير الذي تدور حبكته في الأوساط القومية التركية «امبراطورية الذئاب». قائمة الكتب الأكثر مبيعاً: 1- «مقتطفات من المشهد» لأورهان باموك - (دار ليتيسيم) 2- «ذكريات من إسطنبول» لأحمد أوميت- (دار ايفيريست) 3- «دموع الحبّ: تبريزلي سيمس» لسينان يغمور- (دار كراتاف أكاديمي ياينلاري) 4-»العصفور الساخر» لسوزان كولينز- (دار بيجازوس) 5-»الرجال الذين لا يحبّون النساء» لستيغ لارسون- (دار بيجازوس) 6- «غابة المدمنين» لجان كريستوف - (دار غرانج دوغان) 7- «عشق» للكاتبة والصحافية في «نيويورك تايمز» أليف شفق- (دار دوغان) 8- «الفتاة التي حلمت بالولاّعة والغاز» لستيغ لارسون- (دار بيجازوس) 9- «هرانت» لطوبى كندار- (دار ايفيرست) 10- «هاليد أديب: امرأة وراء السيرة» للكاتب إيبيك كليسلار- (دار ايفيرست)