في أيلول (سبتمبر) من كل عام، تقام في معظم المدن الفرنسيّة معارض تضم الجمعيّات المدنيّة الكثيرة فيها. وتستضيف مدينة «سانت» (جنوب غربي فرنسا) مثلاً، معرضاً ضخماً يحتوي أجنحة للجمعيّات المدنيّة فيها، خصوصاً التي تهتم بالصحة والرياضة والطبيعة والعائلة وغيرها. ويهدف المعرض الذي يتزامن دوماً مع وقت الرجوع من العطلة الصيفيّة إلى المدارس، إلى التعريف بالكمّ الكبير من الجمعيّات المدنيّة، بهدف تشجيع السكان على الانتساب إليها، مها كانت مرحلتهم العمريّة. ويؤدي ذلك تالياً إلى تحفيزهم على ممارسة بعض أنواع الرياضة، أو التطوع لمساعدة مرضى «آلزهايمر» وأصحاب الحاجات الخاصة وكبار السن وغيرهم. ووفق أحد منظميه، استقبل ذلك المعرض 4800 شخص في اليوم الأول من افتتاحه، وارتفع العدد في اليوم التالي. وأشار أيضاً إلى أنّ 180 جمعية لديها مستقرة في المدينة شاركت في المعرض، بل عرضت نشاطاتها في منصّات خاصة بها، إضافة إلى أنها وزّعت برامجها ومطبوعاتها ومنشوراتها المصوّرة وغيرها. وأوضح أن المعرض أفرد صالات تمكّن الزائرين من تجربة بعض النشاطات على غرار لعب كرة الطاولة «بينغ- بونغ»، وال «كيك بوكسينغ» والمبارزة بالسيف وغيرها. وكذلك شهدت ساحته الرئيسيّة تقديم عروض في رقص الباليه ولعب كرة السلّة. وأكّد أنّ العام الحالي تميّز بارتفاع في إقبال الجمهور على منصّات أربع جمعيّات «تهتم بممارسة رياضة اليوغا التي أصبحت تلقى رواجاً بين الفرنسيين لكونها تعطي شعوراً بالراحة والاسترخاء»، وفق كلماته. وأشار المدير المسؤول عن «بيت الجمعيّات» في مدينة «سانت» إلى أنّ المعرض اهتمّ أيضاً باستقبال سكان المدن الصغيرة القريبة من «سانت» التي تضم 180 جمعية، فيما يبلغ معدل تلك الجمعيّات في المدن الصغيرة 15 جمعية لكل منها. وشدّد أيضاً على دور الجمعيّات في رفع الوعي الصحي، والوقاية من أمراض جسديّة ونفسيّة متنوّعة. رفع الوعي بأضرار الخمول ويظهر البعد الصحي في نشاط الجمعيّات من احتضانها رياضات متنوعة، ما يكسر دوائر قلّة الحركة التي تتصل بمجموعة من الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم. وإضافة إلى ذلك، تنهض مجموعة من الجمعيّات المدنية بمهمات صحيّة مباشرة على غرار رعاية مرضى السكري، والمتقدمين في السن، والعناية بمصابين بمرض «آلزهايمر» مع رفع الوعي العام به أيضاً. وعلى غرار ذلك، تقوم جمعيّات مدنية بمتابعة الشؤون الصحيّة للعاملين في الزراعة، فيما تعمل آخرى على حلّ المشاكل المتصّلة بتربية الأطفال وتعليمهم وحضّم على ممارسة الرياضة مبكراً، إضافة إلى المثليّة الجنسيّة، ومكافحة استخدام مواد مضرّة في الزراعة كاستعمال الأسمدة (خصوصاً الممنوعة قانونيّاً) في حقول العنب والتفاح. وعلى هامش المعرض، أشار المشرف على جناح لجمعية تعنى بمرضى «آلزهايمر» إلى تخصيص يوم وطني لذلك المرض 21 أيلول (سبتمبر)، ملاحظاً تسجيل 600 إصابة جديدة يوميّاً ووصول إجمالي المصابين به إلى 900 ألف شخص في فرنسا. وتؤكّد الأرقام أهمية الجمعيّات التي تعمل على تقديم المساعدة لأولئك المرضى، ودعم البحوث الخاصة بهذا المرض، وتنظيم نشاطات لجمع مساعدات ماليّة تستخدم في تحقيق تلك الغايات وغيرها. وتحمل تلك الجمعية اسم «آلزهايمر في فرنسا». وعند الحديث عن الجمعيّات الفرنسيّة، ترتسم في الذهن صور المتطوعين الذين ينذرون أنفسهم لقضية ما أو لنشاطات بيئيّة ورياضيّة وإنسانيّة. وثمة مشكلة باتت تواجه تلك الجمعيّات حالياً تتمثل بقيام الحكومة الفرنسيّة أخيراً بإلغاء عقود العمل التي مدتها سنة واحدة لموظفي الجمعيّات. وقبل تلك الخطوة، كانت الدولة تدفع نسبة كبيرة من رواتب الموظّفين غير الدائمين، فيما تدفع الجمعيّات الجزء القليل المتبقي منها. ولم تستثنَ من الإلغاء سوى جمعيّات «الإسعاف الاجتماعي» نظراً لتوليها مباشرة شؤون توزيع المساعدات على المحتاجين ومن لا مأوى لهم.