أشارت تقديرات إلى ارتفاع أعداد المصابين ب«الزهايمر» في السعودية خلال السنوات الأخيرة في مختلف مناطق المملكة، فيما لم يصدر إحصاء دقيقة بعدد المرضى، ما يثير مخاوف أطباء بأن يكون العدد أكبر من التقديرات، وربما يتجاوز المعدل العالمي. بالتزامن، عقدت الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الزهايمر أمس (الإثنين) مؤتمراً يناقش المستجدات في رعاية المرضى، بمشاركة اختصاصيين سعوديين وأجانب. وقالت المديرة التنفيذية للجمعية رنا المرعي ل«الحياة» إن عدد المرضى في السعودية «مبهم وغير دقيق»، عازية ذلك إلى «غياب المعلومات الصحيحة والإحصاء الدقيق»، متوقعة أن يصل عددهم إلى 50 ألف مريض. وعرّفت المرعي الزهايمر بأنه «مرض دماغي يؤدي إلى ضمور تدريجي للخلايا العصبية في مناطق الدماغ المسؤولة عن الكثير من الوظائف الإدراكية، والحد من قدرة الدماغ على القيام بعمله الطبيعي وأنشطته اليومية»، مضيفة: «إن نشوء الزهايمر يأتي من ترسبات تدريجية لمواد بروتينية تسمى اللويحات والعقد». وتوقع استشاري طب الأسرة وأمراض الشيخوخة الدكتور لؤي باسودان في حديث إلى «الحياة» هذا التزايد، موضحاً أن هناك نقصاً في الكوادر المتخصصة في علاج أمراض الشيخوخة والزهايمر في معظم المستشفيات، إلا أن المملكة أنشئت فيها خمس عيادات تُعنى بالمرضى وتؤهلهم. وتساهم جهات خيرية في تقديم الدعم والرعاية للمرضى، منها الجمعية السعودية الخيرية لمرض الزهايمر، التي عرضت نائب رئيس مجلس إدارتها الأميرة مضاوي بنت محمد ل«الحياة»، الإنجازات التي حققتها الجمعية منذ نشأتها وتأثيرها في شريحة المستفيدين من خدماتها، ومقدمي الرعاية لهم. وأشارت الأميرة مضاوي إلى أنّ الجمعية أسهمت في نشر الوعي المجتمعي بمرض الزهايمر وتطوير الخدمات المقدمة إلى المرضى بشكل راعى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرضى وأسرهم، مضيفة أن عدد المستفيدين منها خلال العام الحالي بلغوا 600 مريض في منطقة الرياض. وعن مسببات المرض ونسبته في المملكة، مقارنةً بالدول الأخرى، أوضح باسودان أن العامل الرئيس في الإصابة ب«الزهايمر» هو التقدم بالعمر، وتبدأ الأعراض بعد سن ال65، مبيناً أن زيادة متوسط الأعمار في المملكة يتسبب في زيادة عدد المصابين، ومن المتوقع أن يتضاعف العدد كل خمس سنوات، وثبت أن أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم وبعض إصابات الدماغ تسهم أيضاً في الإصابة ب«الزهايمر»، وتشير دراسات إلى أن الإصابة بين النساء تكون أكبر بنسبة اثنين إلى واحد من الرجال مع ارتفاع معدل أعمار النساء. وأرجعت المرعي أسباب تزايد أعداد الإصابة بهذا المرض إلى «ارتفاع نسبة المسنين، وارتفاع معدلات الأعمار، وذلك من سن 50 إلى 70 عاماً»، معتبرة «غياب التوعية حول المرض، وإحجام الكثير من الأسر عن الكشف عن مرضاهم، سبباً في زيادة حجم المشكلة، ويؤثر في دقة الإحصاء». وعزت المديرة التنفيذية ل«جمعية الزهايمر» أسباب الإصابة به إلى «تقدم العمر، أو جينات وراثية تؤدي إلى تلف الخلايا في الدماغ، أو إصابات الرأس والاضطرابات البروتينية، أو قلة التحصيل العلمي»، مؤكدة ضرورة «الوقاية من المرض بإتباع الحميات الغذائية، وممارسة الرياضة والوقاية من الجلطات الدماغية، وتناول الأغذية الغنية ب(الأوميغا 3)، أو الأطعمة التي تحوي (الاسيتايل كولين)». ولفتت المرعي إلى وجود مئات الدراسات لعلاج المرض، وتشمل علاجات تؤخر تدهور المرض، أو تؤخر الإصابة به، مضيفة: «يتضاعف عدد المصابين بالمرض كل خمس سنوات بين الأفراد الذين تعدوا سن ال65 عاماً. وتشهد نسبة المصابين بالمرض في جميع مناطق السعودية ارتفاعاً ملحوظاً، ومازالت الأرقام والحقائق مغيبة إلى اليوم. ويوجد تخوف من الأطباء أن يكون العدد كبيراً بالفعل، وقد يتجاوز المعدل العالمي». وتعقد الجمعية اليوم، مؤتمراً دولياً عن الزهايمر، وبيّن المشرف العام على أعمال الجمعية الدكتور عبدالعزيز المقوشي أن نسبة المشاركين من الأطباء السعوديين في المؤتمر المقبل تجاوزت 80 في المئة، بعدما كانت لا تتجاوز 20 في المئة في المؤتمرات السابقة، ومثلها مشاركات دولية، «وهذا يدل على اهتمام المجتمع بمرض الزهايمر وزيادة الخبرات المؤهلة القادرة على العطاء»، بحسب المقوشي. وأطلقت الجمعية مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي، حملات توعية بالمرض، مدشنة حملة «فاذكروني»، بمشاركة جهات مختلفة لإقامة محاضرات وورش عمل للتوعية بالمرض من الجانب العلمي أكثر من الاجتماعي من أطباء اختصاصيين، بهدف زيادة معرفة الجمهور بعلامات المرض وأساليب التعامل مع المريض، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لمرض الزهايمر الذي يصادف 21 سبتمبر من كل عام. يُذكر أن عدد مرضى الزهايمر في العالم يبلغ 44 مليون نسمة، بحسب إحصاء 2015، إلا أن منظمة «الزهايمر ديزيز إنترناشونال» المهتمة بالمرض بينت أن عددهم سيتضاعف ثلاث مرات في 2050، ليصل إلى 135 مليون نسمة.