مع تطوّر العلوم وتشعّب مجالاتها، تزداد الحاجة إلى حقول تطبيقية تمكّن الدارسين من الحصول على خبرة عملية. ومن تلك الحقول التدريبية، تبرز علوم الجرائم الإلكترونية، والحرب الرقميّة، وإدارة شبكات الخليوي، والتعامل مع شبكات الأقمار الاصطناعيّة، والاستشعار عن بُعد، والنانو تكنولوجيا، ونُظُم المعلومات الجغرافيّة، والتقنية الحيويّة «بيوتكنولوجي» Biotechnology وغيرها. وغالباً ما يتعذر توفير معامل عالية الكفاءة والإمكانات في الجامعات، بسبب ندرة الخبرة أو ضيق المكان أو عدم توافر الموارد الماليّة. وفي هذا السياق، أكد الدكتور أحمد الريامي عميد كلية العلوم التطبيقية في «جامعة عبري» العُمانيّة أهمية توحيد معايير الجودة، ورفع مستوى الشراكة مع المجتمع، والاستفادة من التجارب والخبرات العملية عند الأكاديميين على اختلاف تخصصاتهم ومشاربهم. ونصح الريامي الأكاديميين بالربط بين المكوّنات العملية التعليمية ونشاطاتها المختلفة، ورسالة الوزارة وأهدافها وقيمها. كما شدّد على أهمية برامج خدمة المجتمع ودورها في التعرّف عن قرب إلى مستوى حاجة المجتمع من الخريجين، وتحسين جودة العملية التعليمية، والارتقاء بمستوى المحاضرين وصقل خبرتهم العملية. وأوضح أن الكلية تقدّم عدداً من البرامج التدريبية القصيرة والمحاضرات المتخصّصة، للمدرسين والعاملين في القطاعين الحكومي والخاص. بين النظرية والتطبيق في السياق عينه، شرح الريامي أهمية بناء شراكة مع القطاع الصناعي بصفته أحد أهداف وزارة التعليم العالي فى السلطنة. واعتبر أن الشراكة تمكّن مديري البرامج التعليمية وواضعي السياسات من التعرّف إلى حاجات القطاع الصناعي من مبرمجين ومديري الشبكات واختصاصيي أمن المعلومات وغيرهم. وفي هذا الإطار، حصلت كلية العلوم التطبيقية في «عبري» على منحة من شركة «نفط عُمان الوطنيّة» لبناء صالة رياضية متنوّعة الأغراض. وتجتهد الكلية لوضع مشروعات الطلبة للتخرّج في خدمة المجتمع، وكذلك اكتساب خبرة عملية مستمدة من الواقع العماني. وفي هذا الخصوص، أشرف الدكتور عمرو كمال، وهو أستاذ مصري في برامج الكومبيوتر، على مشروع يهدف إلى إنشاء نظام معلومات آلي متكامل عن التأشيرات وجوازات السفر وبطاقات الإقامة الخاصة بأعضاء هيئة التدريس غير العُمانيين في كل كليات العلوم التطبيقية العُمانيّة. يذكر أن ذلك النظام التفاعلي مُطبّق فعليّاً في كلية العلوم التطبيقية في «عبري» كمرحلة تجريبية أولى نحو تعميمه على كل المؤسسات التعليمية في السلطنة. وهناك مشروع لبناء نظام للمعلومات الجغرافية لموارد المياه في السلطنة. وتعتمد الكلية على الزيارات العلمية وسيلة لتمكين الطلبة من التعامل المباشر مع أجهزة ونُظُم يصعب توفيرها في الكلية. فمثلاً، زار طلبة أمن المعلومات «مركز سلامة المعلومات» العُماني كخطوة أولى لبناء شراكة كاملة معها. وأعرب الطلاب عن استعدادهم للتطوّع للعمل سفراء للمركز في ولاية «عبري»، بهدف نشر الوعي بأخطار الإنترنت بين الموظفين الحكوميين وطلبة المدارس وذوي الحاجات الخاصة. وتساهم تلك الزيارات في ردم الفجوة بين العلوم النظرية وحقولها التطبيقية. وأثناء الزيارة نفسها، تعرّف الطلبة إلى أجهزة ونظم متطوّرة للتعامل مع أخطار الإنترنت والجرائم الإلكترونيّة. كذلك ألقى خبراء الهيئة محاضرة عن علم الأدلة الجنائية الرقمية. كما استعرضوا أهم برمجيات الأدلة الجنائية الخاصة بالجرائم المتعلّقة بالحاسوب والخليوي. كما شرح الخبراء دور هيئة تقنية المعلومات في بناء معامل لتحليل الأدلة الجنائيّة في السلطنة. وتسعى الكلية إلى الحصول على مساعدة الهيئة في بناء معمل لدراسة علوم الأدلة الجنائية، ما يكفل إمداد عُمان باختصاصيين في هذا المجال. كما اتّفِق على تجنيد المتميّزين من دارسي تقنية المعلومات للعمل مع «هيئة تقنية المعلومات»، بهدف المساعدة في رفع الوعي عن أمن المعلومات.