يتطلّب الوصول إلى معرض الكومبيوتر السنوي «كومكس عُمان 2011»، الذي استضافه «مركز عُمان الدولي للمعارض» أخيراً، الكثير من الصبر على زحام السيارات، وتلهّف الزوار للتعرّف الى التقنيات الأكثر حداثة في التكنولوجيا الإلكترونية التي باتت من عناصر الجذب القوية في المجتمع العُماني. ويتّفق هذا الانطباع مع الحصيلة النهائية التي خرج بها المعرض في نسخته الحادية والعشرين، إذ زاد عدد زواره أكثر من 75 ألفاً. وأرجع مسؤول في إدارة المعرض هذا الرقم المرتفع إلى التفاعل القوي بين الجمهور والمعرض الذي استمر 5 أيام، إضافة إلى العروض المتنوعة المُقدّمة من شركات التقنيات الإلكترونية في المعلوماتية والاتصالات، وتنوّع برامج المعرض وفعالياته المتصلة بالخدمات الحكومية الإلكترونية. وأعرب طلال بن سليمان الرحبي نائب الرئيس التنفيذي في «هيئة تقنية المعلومات» عن ارتياحه لمستوى معرض «كومكس» هذا العام، مُشيراً إلى مشاركة مؤسسات حكومية وخاصة، والحضور الواسع لعدد كبير من الدول، خصوصاً تلك التي تنتمي إلى «مجلس التعاون الخليجي». وبيّن أن عدد الشركات التي حضرت «كومكس 2011» فاق ال 120 شركة، بعضها جاء من الدول الصناعية الكبرى. وأشار الرحبي إلى تطلع إدارة المعرض للارتقاء به «كي يكون من أهم المعارض المتخصصة، ليس على مستوى السلطنة فحسب بل على مستوى دول مجلس التعاون والشرق الأوسط أيضاً»، مؤكّداً وجود دراسة عن زيادة عدد أيام المعرض في الدورات المقبلة، بناء على رغبة الجمهور. واعتبر الرحبي أن معرض الكومبيوتر «كومكس عُمان» استطاع تلبية حاجات شرائح المجتمع وفئاته المختلفة وتطلعاتها في مجال التقنيات الرقمية. وربط بين المعرض والتطور الذي تشهده البيئة الرقمية في سلطنة عُمان، سواء على مستوى الخدمات الحكومية الإلكترونية أم على مستوى قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في السلطنة، وهي أمور تخدم السعي الدائم للسلطة العُمانية في الوصول إلى التطبيق الأمثل للحكومة الإلكترونية. الحكومة الإلكترونية وخدماتها رفع معرض «كومكس 2011» شعار «التحوّل نحو الرقمية» shift to e، ما يعكس التوجّه العام للمعرض ودوره في تشجيع شرائح المجتمع كافة على الانتقال من الأساليب التقليدية إلى الأساليب التقنية الحديثة التي توفر الوقت والجهد، وتيسر الحصول على الخدمات، وتسهم في تطوير الأداء والإنجاز، وتفتح آفاقاً معرفية جديدة، وفق ما ذكره مسؤول في هيئة تقنية المعلومات في السلطنة. وأشار المسؤول عينه إلى أهمية تشجيع المؤسسات الحكومية على التطوير المستمر لخدماتها الإلكترونية، وتحويل ما تبقى من إجراءات إدارية تقليدية إلى أساليب ترتكز على التكنولوجيا الرقمية. وحض هذا المسؤول القطاع الخاص في السلطنة على تبني الحلول الرقمية الفعّالة لتعزيز الأداء، ومضاعفة العائد الاقتصادي، والتوجه إلى الاستثمار في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، معتبراً إياها حقلاً جديداً واعداً بالفرص والفوائد الاقتصادية الكبيرة. حضرت في المعرض أقسام للأطفال وللأسرة، وذوي الإعاقة، وأصحاب المواهب، ومبادرات عمان الرقمية، والخدمات الحكومية الإلكترونية في السلطنة. وتضمن المعرض ركناً لشرح حلول للتعليم الإلكتروني، وتقديم الابتكارات التقنية المتطوّرة. وتفرّد «كومكس 2011» بمقهى إلكتروني للخدمات الحكومية الرقمية، وعروض عن برامج الكومبيوتر المتصلة بمفهوم «البيت الذكي» Smart Home، الذي يُدار بتقنيات تُعصرن نشاطات الحياة اليومية. وضمن فعاليات المعرض، عُقِد مؤتمر للبحث في التقنيات المتنّقلة «موبايل تكنولوجيز» Mobile Technologies، تحدث فيه خبراء دوليون ناقشوا التوجه لتقديم الخدمات الإلكترونية عبر الأجهزة المحمولة يدوياً، مع ما يحمله من فرص وتحديات، كما شرحوا البرامج الذكية المتصلة بالتقنيات المتنقّلة. وتناول المؤتمر أيضاً موضوع استخدام التطبيقات المتنقّلة في تطوير الأعمال والاقتصاد. وسلّط الضوء على تأثير التقنيات الرقمية في الأعمال التجارية في سلطنة عُمان. ووفّر المؤتمر فرصة للنقاش والحوار، وتبادل الآراء والتجارب والأفكار والخبرات، خصوصاً مع وجود عدد من المسؤولين والاختصاصيين في المعلوماتية والاتصالات الرقمية. وصاحب معرض «كومكس عُمان 2011» عدد من حلقات العمل المتخصّصة في التكنولوجيا الرقمية، إضافة إلى عروض تفاعلية شارك فيها الجمهور، ونال نصيباً من جوائزها. كما عرضت خمس دول تجاربها في مجال الخدمات الحكومية الإلكترونية، منها ثلاث من دول مجلس التعاون الخليجي (الإمارات، والكويت والبحرين)، مع أستونيا وسنغافورة. وناقش المؤتمر أوراق بحث عن مواضيع مثل استراتيجيات العمل التي تساعد على تحقيق رؤية ناجحة في مجال التوظيف الاقتصادي لتقنية المعلومات والاتصالات، والجهود الوطنية المبذولة في مجال مشاريع الحكومة، والاستراتيجيات الحديثة المستخدمة في قطاع الاتصالات المتطوّرة، خصوصاً الخدمات المرتبطة مع شبكات الجيل الثالث للخليوي وما بعده. وفي إطار «كومكس عُمان 2011»، احتفلت «هيئة تقنية المعلومات» بتخريج سبعة عشر متدرباً من الصُمّ والبُكم في مبادرة متقدمة خليجياً وشرق أوسطياً. وتدرّب هؤلاء على أساليب التعامل مع الحاسوب الآلي بتطبيقاته المتنوّعة، باللغة الإنكليزية. كما جرى تدريبهم على مهارات إدارة حلقات النقاش. وفي هذا السياق، أوضح عبدالله العبري مدير مشروع تدريب موظفي الخدمة المدنية في «هيئة تقنية المعلومات» أن تدريب هذه الفئة يؤكد التوجّه لاعتبارهم جزءاً مهماً من المجتمع العُماني، مع ملاحظة أنهم يمثلون نسبة ليست بالقليلة من المجتمع، ما يملي ضرورة تزويدهم بالتدريب المتقدّم. وأوضح العبري أن تمكين هذه الفئة من التعامل مع التقنية الرقمية، يجعلها قادرة على الاستفادة من الخدمات الحكومية الإلكترونية في السلطنة. ولاحظ العبري أن التدريب شمل عدداً كبيراً ممن يعانون معوّقات جسدية وعصبية، ما يعني تراكم خبرة تفيد في تدريب فئة أخرى في مجال التعامل مع تقنية المعلومات وخدمات الحكومة الإلكترونية. وأخيراً، أشار العبري إلى أن الخريجين يعتبرون طليعة في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً أنهم صاروا قادرين على تدريب من يعانون معوّقات مماثلة، في سلطنة عُمان وبقية دول مجلس التعاون.