أدلى أمس حوالى 45 مليون ناخب ألماني بأصواتهم في انتخابات عامة يُنتظر أن تضمن للمستشارة أنغيلا مركل ولاية رابعة، وسط قلق شديد لدى أوساط سياسية واجتماعية من تداعيات تحقيق اليمين المتطرف والنازي اختراقاً تاريخياً يُعتبر سابقة، للبرلمان الاتحادي (بوندستاغ). وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها لاختيار النواب وفق نظام انتخابي يمزج بين الأكثرية العددية والنسبية المئوية. وصوّتت مركل ومنافسها رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي مارتن شولتز في مكان إقامتيهما. وستُظهر استطلاعات رأي تُعدّها معاهد بحوث، مع عيّنات من الناخبين خلال عملية التصويت في مناطق مختارة بدقة في البلاد، مؤشرات عن الأحزاب الرابحة أو الخاسرة، فور إغلاق مراكز الاقتراع، قبل اتّضاح النتائج اليوم. وفي حال لم تحصل مفاجأة تغاير ما أجمعت عليه استطلاعات الرأي أخيراً، يُتوقع أن يفوز التحالف المسيحي الديموقراطي بزعامة مركل بما بين 34 و36 في المئة، متقدماً على الاشتراكيين الديموقراطيين بزعامة شولتز، والذي يُرجّح أن ينال بين 21 و22 في المئة. ويتطلّع كثيرون إلى مركل بصفتها قائدة للتيار الليبرالي الغربي، لكي يعود إلى مساره الصحيح، ويضعون على عاتقها مهمة قيادة القارة العجوز بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتراجع دور فرنسا في السنوات الأخيرة. وإذا صدقت الاستطلاعات، سيسجّل شولتز أدنى نتيجة في تاريخ الحزب الاشتراكي، بعدما فشل في طرح نفسه ممثلاً للتغيير، فيما يشارك حزبه في حكومات مركل منذ عام 2008. ولم تلقَ دعوته إلى «مزيد من العدالة الاجتماعية» استجابة كافية من الناخبين، في بلد يشهد نمواً قوياً وبطالة متدنية. في المقابل، ركّزت المستشارة في حملتها الانتخابية على «الاستمرارية لبلد مزدهر»، في رسالة هدفها طمأنة الألمان إزاء الأزمات التي تضرب العالم، خصوصاً بعد ترؤس دونالد ترامب الولاياتالمتحدة وقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي. مع ذلك لا يعني فوز تحالف مركل أن الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحليفه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي سيخرجان قويَين من الانتخابات، بل على العكس، إذ إن نتائجهما ستكون قريبة من أدنى مستويات سجلاها عام 1998 (35,1 في المئة) وعام 2009 (33,8 في المئة). وقد يكون «حزب البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف والنازي الجديد، المعادي لأوروبا وللمسلمين، الرابح الفعلي الوحيد الذي سيدخل الندوة البرلمانية الاتحادية للمرة الأولى في تاريخ الأحزاب المشابهة له، وبقوة قد تفوق حجم أحزاب صغيرة أخرى عريقة في العمل السياسي والبرلماني، مثل حزبَي الخضر واليسار. وتمنح استطلاعات الرأي الأخيرة «حزب البديل» بين 10 و12 في المئة، بعدما فشل عام 2013 في نيل 5 في المئة المطلوبة لدخول البرلمان، ما سيجعله في المرتبة الثالثة متقدماً على اليسار والليبراليين والخضر. ويتهم «حزب البديل» مركل ب «الخيانة»، لفتحها ألمانيا عامَي 2015 و2016 أمام حوالى مليون لاجئ. وفي تحذير مبطن من خطر «حزب البديل»، حذر الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير مواطنيه «من ترك تقرير مستقبل بلادهم في يد آخرين، إذا لم يدلوا بأصواتهم». وأضاف في مقال نشرته صحيفة «بيلد أم زونتاغ»: «ربما لم يكن الأمر بهذا الوضوح من قبل، إذ أن الانتخابات هي عن مستقبل الديموقراطية وأوروبا».