تعهد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بمواجهة أي «فتنة» قومية أو دينية تهدف إلى تعكير العلاقة بين الأكراد والعراقيين على خلفية الخطوة الانفصالية للإقليم، فيما حذر مسؤولون من بوادر توترات مسلحة في المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد. ومع اقتراب موعد إجراء الإقليم استفتاءً للانفصال في 25 من الشهر الجاري، بدأت القوى الكردية إجراءات فعلية لترتيب البيت الداخلي عبر إعادة تفعيل البرلمان المعطل منذ عامين لشرعنة الخطوة، على رغم الاعتراضات من قبل قوى محلية والمواقف الدولية والإقليمية الرافضة. وقال بارزاني في بيان وجهه إلى الرأي العام إن «الاستقلال لا يعني أبداً معاداة أي مكون قومي أو ديني من مكونات الشعب العراقي، حيث ستتم إعادة بناء أسس قوية لعلاقات تاريخية جديدة بين الشعبين، وسيوضع حد لمن يريد أن يزرع الفتنة ويؤجج الخلافات بينهما». وحذر من أن «أي تصريح أو تصرف يمكن أن نتلمس منه معاداة مبادئ التآخي والتعايش السلمي، لا يمت بأية صلة للقيم العليا لشعبنا، وليست له أية علاقة بالسياسة العامة للإقليم»، وشدد على أن «العملية لن تؤثر في شكل سلبي في استمرارية روح وعلاقة الصداقة والأخوة بين الشعبين وكلاهما كانا دومًا ضحية التصرفات الإجرامية للحكومات الدكتاتورية». داعياً مواطني الإقليم إلى «مراعاة القيم العليا لشعبنا أثناء تعبيرهم عن إرادتهم والمطالبة بحقوقهم العادلة». كما أعلن بارزاني في مقابلة مع شبكة «بي بي سي» بأن «الإقليم سيرسم حدود دولته المستقبلية، إذا رفضت بغداد التفاوض حول الحدود والمياه والنفط». في شأن المحاذير الدولية من تداعيات الخطوة تساءل «متى تمتعنا بأمن واستقرار في هذه المنطقة كي نخشى من فقدانه؟ ومتى كان العراق موحداً كي نخشى من تفتيت وحدته؟ هؤلاء الذين يزعمون ذلك يبحثون فقط عن مبررات لنتراجع عن مطلبنا»، وحذر من أن «سعي أية جماعة إلى تغيير الواقع في كركوك باستخدام القوة، عليهم أن يتوقعوا أن كل كردي سيكون جاهزاً للقتال للحيلولة دون ذلك». وأبلغ بارزاني المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش في اجتماع بأربيل أمس «التمسك بإجراء الاستفتاء في موعده باعتباره قراراً يعود للشعب الكردي». وعقد «الاتحاد الوطني» بزعامة جلال طالباني أمس اجتماعاً مع «الجماعة الإسلامية» على أن يعقبه اجتماع مماثل مع حركة «التغيير» لحضّهما على المشاركة في إعادة تفعيل البرلمان المعطل منذ عامين بسبب الخلافات السياسية، وفي عملية الاستفتاء، في وقت تحدثت مصادر عن قرب إبرام اتفاق إستراتيجي جديد بين حزبي بارزاني وطالباني، لإدارة الإقليم في المرحلة المقبلة. وحذر رئيس البرلمان المبعد من قبل الحزب «الديموقراطي» يوسف محمد عضو حركة «التغيير»، من ان «الاستفتاء سيهدد استقرار الإقليم، وستتحق مصالح الدول الأخرى من خلال الإقليم، وقد تتوسع الأزمة إلى المستوى الإقليمي»، وأقر ب «ظهور توترات ومشاكل في مناطق خارج إدارة الإقليم (المتنازع عليها مع بغداد)». وأعلنت القوى الكردية الخمس الرئيسة في كركوك خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع لها أمس «المضي في تنظيم استفتاء في المحافظة في موعده»، وأكدت «دعمها «قوات البيشمركة في الحفاظ على امن واستقرار المحافظة»، في حين أكد محافظها نجم الدين كريم أن «العملية لن تؤثر في التعايش بين مكونات كركوك، من خلال الأصوات المحرضة». وفي ناحية مندي التابعة لمحافظة ديالى، والواقعة ضمن المناطق المتنازع عليها، صوّت مجلس الناحية أمس على «منع تنظيم استفتاء في الناحية»، فيما كان العشرات من المواطنين العرب يعتصمون لليوم الثاني بعد إقدامهم على إنزال العلم الكردي والمطالبة بإقالة مدير الناحية على خلفية مواقفه الداعمة للعملية. واتهم مسؤولون حزبيون أكراد «عصائب أهل الحق» المنضوية في قوات «الحشد الشعبي» ب «تهديد أعضاء مجلس مندلي لسحب الثقة في مدير الناحية ورئيس المجلس». وبالتزامن أكد القيادي في «التحالف الوطني» علي العلاق أن «الاستفتاء ستكون له تداعيات سلبية، وستتحمل الأحزاب الكردية مسؤولية تاريخية كبيرة في أي ضرر مستقبلي يقع على كردستان».