ما الذي سقطَ في مصرَ؟ النظامُ الحاكمُ برئاسة حسني مبارك أمْ النظام الأبوي بمجمله؟ وهل الثورةُ المصرية تعبير عن الصراع على السلطة أمْ إنها صراعُ أجيال؟ في الماضي القريب كان الطفل يلجأُ إلى والديه للحصول على المعرفة والحقائق وبالتالي الأفكار والقيم. كان الأب مصدر كل شيء، الأمان والحماية، الغذاء والكساء، المعرفة والأخلاق. في العقد الأخير ومع انتشار وسائل الاتصال الحديثة، في شكل مكثف، ومنها الإنترنت وهي ما أُطلق عليها اسم ثورة الاتصالات، ومع ازدياد أعداد المشتركين في حلقات التواصل الاجتماعي مثل ال «فايسبوك» وال «تويتر» تراجع دور الأب وبدأ يتآكل رويداً رويداً، من دون أنْ نشعرَ بذلك، ولا يخفى على أحد أنَّ المعرفة قوة وأنَّ تسلح الأبناء بالقوة المعرفية والقدرة على التعبير عن أنفسهم عبر وسائل الاتصال الحديثة قادهم إلى ما وصلوا إليه الآن، أي إزاحة الآباء من كل المستويات ومنها المستوى السياسي. فالذي سقط في مصر هو السلطة والمعارضة معاً. سقط النظام الأبوي بكل مفاهيمه ورموزه، الفكر الوصائي القائم على مفاهيم النخبة والقيادة الحكيمة والتراتبية الهرمية وتأكيد طاعة القانون...الخ. كل ذلك تفكك وبدأ بالزوال على أرض الواقع. في كتابه «حق الأم» الذي صدر في 1860 تحدث باخوفين عن وجود مجتمع أمومي سابق عن المجتمع الأبوي وذلك قبل آلاف السنين يختلف عنه بنقاط جوهرية كثيرة. تُرى، الآن وبعد الثورة المصرية، هل نشهد ظهور نظام الأبناء على أنقاض النظام الأبوي «البطريركي» الذي هو مجتمع أصنام وفراعنة وتراتبية هرمية صارمة؟ * كاتب سوري