أعلنت الحكومة في ميانمار حرق أكثر من 2600 منزل في مناطق تقطنها غالبية من أقلية الروهينغا المسلمة شمال غربي البلاد، فيما جمّد «برنامج الغذاء العالمي» التابع للأمم المتحدة توزيع مساعدات لنازحين من الروهينغا، إثر اتهامات رسمية بدعم متمردين. وأفادت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للمنظمة الدولية بفرار حوالى 58600 من الروهينغا إلى بنغلادش، بعد حملة شنّها جيش ميانمار إثر هجمات نفذها «جيش إنقاذ روهينغا أراكان» على مراكز للشرطة. وأعلنت الحكومة أن الاشتباكات أوقعت حوالى 400 قتيل. وأوردت صحيفة «غلوبال نيو لايت أوف ميانمار» الرسمية أن «جيش إنقاذ روهينغا أراكان حرق 2625 منزلاً». لكن منظمة «هيومن رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان اتهمت قوات الأمن في ميانمار بإضرام النار عمداً، بعدما حلّلت صوراً التقطتها أقمار اصطناعية وروايات للروهينغا الفارين. وقال فيل روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا في المنظمة: «تظهر الصور الجديدة للأقمار الاصطناعية حجم الدمار الشامل لقرية مسلمة، وتثير مخاوف خطرة بأن مستوى الدمار في شمال ولاية راخين ربما يكون أسوأ بكثير مما كان يُعتقد». ورجّح جلال أحمد (60 عاماً) الذي وصل إلى بنغلادش الجمعة، تعرّض الروهينغا للطرد من ميانمار. وأضاف: «جاء الجيش بحوالى 200 شخص إلى القرية، وأشعل حرائق. كل المنازل في قريتي دُمرت. إذا عدنا إلى هناك ورآنا الجيش، فسيطلق النار (علينا)». وقرب نهر «ناف» الذي يفصل بين ميانمار وبنغلادش، نصب فارون خياماً أو حاولوا الوصول إلى ملاجئ متاحة أو منازل للسكان المحليين. وقالت ناطقة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين: «المخيمات الحالية تقترب من سعتها الكاملة والعدد يزداد بسرعة كبيرة. سيتطلّب الأمر في الأيام المقبلة مساحة إضافية». لكن قائد الجيش في ميانمار مين أونغ هلاينغ أكد أن لا «قمع أو ترهيب» ضد الروهينغا، معتبراً أن «كل شيء يسير في إطار القانون». وأضاف في إشارة الى الأقلية المسلمة: «المشكلة البنغالية قائمة منذ فترة طويلة، وباتت مهمة صعبة الحل». واتهم مكتب قائد الجيش مجموعات العمل الإنساني، بما فيها «برنامج الغذاء العالمي»، بالتواطؤ مع مسلحي الروهينغا، إذ أعلن العثور مع ناشطين قتلى على أغذية وأدوية تحمل شعار البرنامج. وكان مكتب الزعيمة أونغ سان سو تشي نشر مراراً صوراً لأطعمة تحمل شعار البرنامج، أُفيد بالعثور عليها في معسكر للمتمردين. وأعلن أنه يحقق في مساعدة منظمات إغاثة للمسلحين. دفع ذلك «برنامج الغذاء العالمي» الى تجميد «كل عمليات تقديم المساعدات الغذائية في ولاية راخين، بسبب غياب الأمان، ما يؤثر في 250 ألف نازح وسكان ضعيفين آخرين». وأضاف: «ننسّق مع السلطات لاستئناف التوزيع على كل المجموعات المتضررة في أقرب وقت». وقال ناطق باسم مكتب الأممالمتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية إن «كثيرين لا يتلقون الآن المساعدات الغذائية التي كانوا يتلقونها في العادة، وتعطلت بشدة خدمات الرعاية الصحية الأساسية». ولفت الى أن «المساعدة الإنسانية تذهب الى الأشخاص الضعيفين، لسبب وجيه جداً هو أنهم يعتمدون عليها»، منبهاً الى أن لانقطاع المساعدة الإنسانية «تأثيراً إنسانياً كبيراً». وأعلنت الأممالمتحدة أن حوالى 120 ألف نازح، معظمهم من الروهينغا في مخيمات بولاية راخين، لا يحصلون على إمدادات طعام أو رعاية طبية. وأجلت الأممالمتحدة ومنظمات إغاثة دولية كل موظفيها غير الضروريين من شمال الولاية، إذ يرفض متعاقدون يعملون مع هذه المنظمات، حمل الطعام للمخيمات، أو الحضور للعمل في عيادات داخلها، ما أدى الى إغلاق بعضها. وذكرت مصادر أن الموظفين المحليين يخشون تعرّضهم لمضايقات من متشددين بوذيين، فيما يخشى آخرون من هجمات يشنّها مسلمون. الى ذلك، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العنف ضد الروهينغا ب «إبادة تحصل تحت ستار الديموقراطية»، معتبراً أن «مَن يتجاهلونها متواطئون فيها». واتهم الإنسانية بأنها «لا تأبه» لمصير الروهينغا، فيما حضّ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بنغلادش على «أن تفتح أبوابها وسنتحمّل الكلفة أياً تكن». وأعلن أن منظمة التعاون الإسلامي سنعقد هذا العام قمة في هذا الصدد، داعياً الى «إيجاد حل نهائي لهذه المشكلة».