في شارع الخليفة المأمون في حي كوبري القبة قرب القاهرة، تتمركز آليات عسكرية أمام بوابة وزارة الدفاع وقربها كُتب عليها «قوات حماية المواطنين»، فيما يُطوَّق مدخل الوزارة وجزء من سورها جدار خرساني، ضمن إجراءات تأمينها. تلك الآليات التابعة للجيش تجوب شوارع رئيسية وميادين مهمة في العاصمة المصرية، جنباً إلى جنب مع سيارات حديثة مُجهزة بتقنيات عالية تابعة لقوات الشرطة، انتشرت في العاصمة والمدن السياحية قبل شهور، وزاد عددها في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، وكثفت من دورياتها في الأيام الأخيرة تنفيذاً لتعليمات وزير الداخلية مجدي عبدالغفار بالاستنفار لتمرير عطلة العيد من دون مشكلات أمنية. الانتشار الأمني اللافت في شوارع العاصمة المصرية وعواصم المحافظات على رغم كثافته، إلا أنه لا يُقارن بأعداد القوات الضخمة المكلفة تطويق مدقات الجبل الغربي المؤدية إلى الأديرة المسيحية أو إلى قلب التجمعات السكنية أو إلى صحراء ليبيا، حيث تجري في عدة مناطق في هذا الجبل المترامي مداهمات للوصول إلى فلول خلية تابعة لتنظيم «داعش» تم دهم معقلها الرئيسي في كهف في جبل «أبوتشت» غرب قنا في الصعيد، وقتل عدد من المسلحين، لكن غالبيتهم فرت، ومنهم قائد الخلية عمرو سعد عباس، الذي انتشرت صوره في كل ميادين وشوارع الصعيد، في محاولة لتوقيفه. فرار أعضاء في تلك الخلية، بينهم قائدها، يُسبب هاجساً بالغاً لأجهزة الأمن التي كشفت مخططات لها لمهاجمة دور عبادة مسيحية في الصعيد، خصوصاً أنها ركزت منذ تأسيسها على استهداف الأقباط ومصالحهم والمزارات الأثرية المؤثرة، وغالباً ما تشن هجماتها في المناسبات الدينية، للمسيحيين والمسلمين. وفجرت تلك الخلية الكنيسة «البطرسية» في القاهرة بداية العام الحالي بالتزامن مع أعياد الميلاد، وفجرت كنيستَي «مار مرقس» و «مار جرجس» في الإسكندرية بالتزامن مع أعياد القيامة، وقتلت مسيحيين في صحراء المنيا بالتزامن مع المولد النبوي. وغالباً ما يكون هدف تلك الاعتداءات «ضرب النسيج الوطني» والتأثير في العلاقة بين المسيحيين والمسلمين، خصوصاً لتزامنها مع المناسبات الدينية المهمة. وكثفت قوات الشرطة من وجودها في محيط المنشآت السياحية والأثرية في الصعيد، مع نشر عناصر الشرطة السرية لرصد أي خروقات. وفي سيناء أيضاً، يشن مسلحو «داعش» هجمات دامية تحمل تبعات مؤثرة في الأعياد الدينية والمناسبات القومية خصوصاً، لذا ساد الاستنفار الأمني كل مدن شمال سيناء خصوصاً العريش، فشرعت قوات الأمن في تكثيف الخدمات الثابتة والمتحركة في كل الميادين والشوارع الرئيسية، وتفتيش كل القادمين من خارج شبه جزيرة سيناء بدقة لمنع تسلل أي عناصر مسلحة. وزادت التحصينات الخرسانية والحديدية حول المنشآت الأمنية والحكومية المهمة، ودور العبادة المسيحية في العريش، كما انتشرت الآليات المحملة بالجنود المدججين بالسلاح في مختلف شوارع العريش، خصوصاً قرب تلك المنشآت. وشوهدت أرتال عسكرية وأمنية تتجه ناحية غرب العريش، وتتمركز في محيط المنطقة بحيث تطوقها لملاحقة ومنع تسلل أفراد خلية تابعة ل «داعش» دلت المعلومات على اختبائهم في المناطق السكنية المكتظة في غرب المدينة.