أحبطت قوات الأمن في مصر مخططاً لتنظيم «داعش» لشن هجمات على كنائس وشخصيات قبطية في جنوب مصر، وقتلت 7 من أعضاء خلية كانت تعتزم تنفيذ تلك الهجمات. وأتى إعلان السلطات المصرية تلك المعلومات في أعقاب مقتل 28 مسيحياً في هجوم بحزام ناسف نفذه انتحاري تسلل إلى قاعة صلاة كنيسة «مار جرجس»، كبرى كنائس الغربية، وجُرح 77 آخرون، فيما قُتل 17 شخصاً بينهم 7 ضباط وجنود في الشرطة، في تفجير انتحاري نفسه بحزام ناسف أمام بوابة الكنيسة المرقسية، لما لم يستطع التسلل إلى الكنيسة التي كان يرأس بابا الأقباط تواضروس الثاني قداس «أحد الشعانين» فيها، وجُرح 48 من المارة ورواد الكنيسة. وتبنى تنظيم «داعش» في بيان نشرته مواقع إعلامية تابعة للتنظيم الإرهابي الهجومين. وأوضح أن الانتحاري الذي استهدف الكنيسة المرقسية بحزام ناسف يُدعى «أبو البراء المصري»، والانتحاري الذي استهدف كنيسة «مار جرجس» يُدعى «أبو إسحاق المصري». وظهر جليا أن التنظيم وضع المسيحيين في مصر على رأس أهدافه، بعدما وجد صعوبة في استهداف قوات الأمن والمنشآت الحيوية ومسؤولي الدولة التي ظلت هدفاً وحيداً للتنظيمات الإرهابية منذ بدء موجة العنف التي ضربت مصر في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) من العام 2013. ونشرت صفحات تابعة لفرع تنظيم «داعش» في سيناء صوراً لقتلى التنظيم في مواجهات مع الجيش، مع طلب دعم لمواجهة الضربات القاسمة التي يتلقاها التنظيم هناك. وبعد سلسلة هجمات استهدفت بالأساس المكامن والمنشآت الأمنية في شبه جزيرة سيناء وخارجها، طورت مصر وسائلها للحد من تلك الهجمات إلى أن توارت إلى درجة كبيرة، فتحولت الهجمات ناحية المسيحيين، انطلاقاً من شمال سيناء أيضاً، إذ هُجرت مئات العائلات المسيحية من مدينة العريش بعد هجمات قُتل فيها 7 مسيحيين، وأُحرقت ممتلكات بعضهم. وفجر التنظيم 3 كنائس تُعد من رموز المسيحية في مصر، هي: «البطرسية» في قلب القاهرة وبجوار الكاتدرائية، «المرقسية» في الإسكندرية، وهي مقر بابا الأقباط في المدينة الساحلية، و «مار جرجس» في الغربية، وهى كُبرى كنائس الدلتا. وتُعد خطط تنظيم «داعش» استهداف كنائس في الصعيد أبرز مؤشر على الرغبة في إحداث فتنة طائفية في مصر، ففي قرى ومحافظات الصعيد في مصر عدد كبير من المسيحيين، وتضم محافظاتالمنياوأسيوط وقنا نسبة كبيرة من بين سكانها من المسيحيين، فضلاً عن أن عائلات مسيحية في تلك المحافظات تضم شخصيات ذات حظوة. وقالت وزارة الداخلية في بيان، إن معلومات توافرت لدى قطاع الأمن الوطني باتخاذ مجموعة من العناصر التي تعتنق فكر تنظيم «داعش» إحدى المناطق الجبلية في محافظة أسيوط (في الجنوب) وكراً ولتجهيز العبوات المتفجرة تمهيداً لارتكاب سلسلة من الأعمال الإرهابية. وأوضحت أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية ومداهمة الوكر الكائن في جبل «عرب العوامر» في مركز أبنوب في صحراء أسيوط، ولما استشعرت العناصر الإرهابية اقتراب القوات أطلقت الرصاص بكثافة، ما دفع القوات للتعامل معها وأسفر ذلك عن مصرع 7 إرهابيين حددت أجهزة الأمن هوية 3 منهم، أحدهم من سكان محافظة أسيوط والثاني من الفيومجنوبالقاهرة والثالث من الشرقية. وعثرت قوات الأمن على بنادق آلية وسلاح غرينوف وكمية كبيرة من الطلقات متنوعة الأعيرة، ومجموعة من الكتب والإصدارات الخاصة بتنظيم «داعش»، ووسائل إعاشة متنوعة. وأشارت وزارة الداخلية إلى أن القتلى مطلوب ضبطهم في قضية مرتبطة بخلية لتنظيم «داعش» كانت تُعد لاستهداف منشآت في أسيوط أبرزها دير «السيدة العذراء» في قرية درنكة، وبعض الشخصيات المسيحية وممتلكاتهم في محافظتي أسيوط وسوهاج، وضباط وأفراد الشرطة، ومنشآت شرطية واقتصادية ومحاكم. وأفيد بأن تلك الخلية على صلة بمسلحين هاجموا في بداية السنة مكمناً للشرطة في جنوب غربي مصر. وقال مصدر على صلة بالقضية ل «الحياة» إن محاولات مستمرة للتسلل عبر الحدود الغربية ما زالت تجري من أجل دعم تلك المجموعات التكفيرية التي تسعى إلى إحداث اضطرابات في المنطقة الجنوبية الغربية، لفتح جبهة جديدة للإرهاب بعدما تمكنت القوات من السيطرة على الأوضاع إلى درجة كبيرة في شمال سيناء. وأضاف: «التنظيم يريد تخفيف الضغط على مسلحيه في سيناء من خلال فتح جبهات جديدة». وكان نحو 30 مُسلحاً هاجموا في كانون الثاني (يناير) الماضي مكمناً للشرطة على طريق الوادي الجديد– أسيوط في جنوب غربي مصر، فقتلوا 8 شرطيين بينهم ضابط وجرحوا 3 آخرين. وتستنفر الأجهزة العسكرية والأمنية لتأمين نقاط التماس بين الصحراء المترامية في الغرب والمناطق المأهولة بالسكان. وشرعت الأجهزة الأمنية في محافظاتأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان في تنفيذ خطة استنفار في المناطق المتاخمة للصحراء الغربية، والطرق الجبلية التي تربط تلك المحافظات في محافظة الوادي الجديد، وتشديد التدابير الأمنية في الطرق الجبلية، التي تربط جنوب الصعيد بالحدود السودانية وصحراء مصر الغربية، في محاولة لحصار العناصر الإرهابية في تلك المنطقة المترامية الأطراف. في غضون ذلك، تفقدت قيادات في الجيش كنائس مصرية في عدة محافظات للتأكد من تأمينها بعد أن وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بمساعدة القوات الخاصة في الجيش لقوات الشرطة في عملية التأمين. وفي شمال سيناء، جُرح جنديان بطلقات ناريه أثناء تواجدهما في محيط أحد التمركزات الأمنية بالقرب من «بئر العبد» جنوب مدينة العريش. وذكرت مصادر أمنية وشهود عيان في مدينة العريش أن قوات الأمن تقوم بمحاصرة منطقة المزارع بداية من وادي العريش وحتى نهاية الطريق الدائري جنوب غرب المدينة، لمسافة تمتد عدة كيلومترات، بهدف مداهمة مناطق تجمع المسلحين داخل مزارع الزيتون. وتقوم أعداد كبيرة من الآليات الأمنية بتطويق المنطقة، تأهباً للمداهمة. وسمع سكان أصوات قصفاً بالأسلحة الثقيلة في جنوب غرب العريش خلف حي المساعيد، فيما يقوم خبراء الحماية المدنية والمفرقعات بتعقيم المناطق التي تسير فيها القوات للتأكد من خلوها من العبوات الناسفة. وعلى رغم القصف المستمر وسماع دوي القذائف فإن الحركة في مدينة العريش تسير بشكل طبيعي، ولم تتأثر المدارس ولا الجامعات بتلك المواجهات.