شهدت مدينة أسيوط في جنوب مصر، خصوصاً ظهيرها الصحراوي الغربي، تشديدات أمنية غير مسبوقة واستنفاراً لافتاً لتأمين احتفالات المسيحيين في مصر ب «صوم العذراء»، الذي يشهد توافد آلاف الأقباط على «دير العذراء» في جبل درنكة في غرب أسيوط. ويشهد الدير احتفالات وصلوات دينية بداية من 7 إلى 21 آب (أغسطس) من كل عام، حيث يقع أحد أهم معالم رحلة العائلة المقدسة في مصر، ففي آب وصلت السيدة مريم العذراء والسيد المسيح والقديس يوسف النجار إلى المغارة المعروفة التي أوت العائلة المقدسة خلال رحلتها، وتقع في جبل درنكة في غرب أسيوط. ودير العذراء يعد أكبر أديرة الجبل الغربي في مصر، ويقع على ارتفاع عشرات الأمتار في قمة جبل درنكة، على بعد نحو 10 كيلومترات غرب «درنكة» في أسيوط، ويضم كنائس عدة أبرزها «كنيسة المغارة»، ويضم أيضاً بنايات عدة للضيافة ومباني خدمات وقاعات كبيرة. وأوفدت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأنبا يؤنس، أحد أبرز أساقفة الكنيسة، لإحياء احتفالات العام الحالي، فيما لوحظ توافد المسيحيين بكثافة للمشاركة في تلك الاحتفالات. وكانت الكنيسة القبطية ألغت الرحلات الدينية والنشاطات الاجتماعية في مختلف الأديرة في صحارى مصر، بعد هجوم إرهابي نفذه مسلحون يتبعون تنظيم «داعش» قتلوا عشرات المسيحيين في قلب صحراء المنيا خلال رحلة إلى دير في الجبل الغربي. وكشفت السلطات الأمنية في الأيام الأخيرة خطة لأخطر خلايا التنظيم المتطرف في العمق المصري لتفجير دير «مار جرجس» في صحراء الأقصر، كان مقرراً تنفيذها الأسبوع الماضي، لكن اشتباكاً بالأسلحة النارية بين إرهابيين والشرطة في مدينة أسنا في الأقصر، قاد الأمن إلى كشف المخطط ومداهمة أخطر بؤر المسلحين في الجبل الغربي في صحراء «أبو تشت» في قنا، جنوبأسيوط، إذ ألقت الشرطة القبض على واحد من الإرهابيين في أسنا خلال مطاردة، فرّ فيها قائد خلايا «داعش» العنقودية» في الصعيد عمرو سعد عباس. واعترف المسلح الذي تم توقيفه بالتخطيط لتفجير دير في الأقصر، في مواصلة لنهج تلك الخلية في استهداف المسيحيين، إذ فجر انتحاريون فيها ثلاث كنائس في القاهرة والإسكندرية وطنطا، وقتلوا زوار دير المنيا. وزاد التنسيق بين أجهزة الأمن والكنيسة في تأمين الاحتفالات المسيحية الكبرى التي تشهد زيارات للأديرة، خصوصاً في الجبل الغربي الذي يشهد مداهمات في أكثر من موقع لتوقيف مسلحين فروا من «جبل أبو تشت»، بعد دهم الأمن معقلهم إثر توقيف زميلهم في أسنا، ما أسفر عن قتل ثلاثة منهم وفرار مجموعة قُدرت ب 13 مسلحاً. ولم تلغ الكنيسة زيارات الأديرة في المناسبات الدينية المهمة، لكنها قلصت إلى حد كبير الزيارات الأسبوعية للأديرة في الجبل الغربي. ونصبت أجهزة الأمن أجهزة تفتيش إلكترونية عند بوابات «دير العذراء» في الجبل الغربي في أسيوط، وتمركزت مكامن عدة في الطريق إلى الدير، بحيث تتولى الكنيسة نقل الزوار من أسيوط إلى الدير عبر مسار واحد محدد سلفاً بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية التي تتولى تأمين الطريق والحافلات التي تُقل المسيحيين ذهاباً وإياباً، لضمان عدم مهاجمتها في الصحراء. وتُشرف قيادات أمنية بارزة على خطة تأمين الاحتفالات في الدير، إذ انتشرت الخدمات الأمنية في محيط الدير على نطاق واسع. وتولت الشرطة تأمين دخول الزوار منطقة الدير عبر البوابات الإلكترونية، وأظهر المسيحيون تحدياً لتهديدات «داعش» باستهدافهم عبر التوافد بأعداد ضخمة من محافظات عدة للمشاركة في احتفالات الدير. وشوهدت صور لمئات المسيحيين مصطفين لمسافات كبيرة أمام بوابات الدير في انتظار دخوله. من جهة أخرى، حذر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء من لجوء جماعة «بوكو حرام» الإرهابية، التي بايعت تنظيم «داعش» وتنشط في نيجيريا، إلى تجنيد مزيد من «الانتحاريات» لتكثيف هجمات التنظيم الإرهابي داخل نيجيريا وفي دول الجوار خلال الفترة المقبلة. وقال المرصد في بيان إن «جماعة بوكو حرام المتطرفة تعمل على استغلال ضعف المعرفة الدينية لدى كثير من سكان القرى والبلدات الإفريقية النائية لنشر المناهج المتطرفة بالقوة وتلقين أهل تلك البلدات المعتقدات المتشددة التي تحقق أهداف التنظيم وتساهم في تزويد الجماعات والحركات بالكثير من العناصر الانتحارية وتضمن للتنظيم استمرار الحاضنة الشعبية والإمداد البشري». ودعا المرصد إلى تكثيف العمل الدعوي في الدول الإفريقية وإيفاد العلماء إليها من أجل مقاومة الفكر المتطرف والمناهج المتشددة التي تزرعها الجماعات الإرهابية هناك.