هي واحدة من المظاهر التعبيرية التي تكشف عن مكنونات أصحابها، سواء بالسخط أم الاضطراب النفسي أم حتى الرضا، ولكنها تختلف عن وسائل الإعلام المرئية والمقروءة أو الانترنت، إذ إن للكتابة على الجدران انعكاسات سلبية لا يمكن تجاهلها مثل تشويه الشكل العام للمباني الحكومية والخاصة، والإساءة إلى المجتمع بإرغام الناس على مشاهدة ما يكرهونه من رسومات وعبارات ربما كانت خادشة للحياء، وبما أن غالبية من ينتمي إلى هذه الظاهرة هم من المراهقين فكانت كثير من المطالبات من جهتهم بسد كل الأبواب الداعية إليها، وأولها ملء الفراغ الذي يعيشه الشباب بإيجاد المتنفسات الكافية، وشغلهم بالبرامج والمشاريع الهادفة. وذكر مختص في التربية الدكتور محمد العمري أن الظاهرة عالمية وكل دول العالم تعمل على محاربتها، وأن سببها هو الفراغ النفسي وافتقار الشباب إلى متنفسات، إذ أن عدم إتاحة الفرصة لاكتشاف مهاراتهم بطرق مختلفة تضطر الشاب إلى استعراض مواهبهم بشكل آخر، داعياً الأمانات في المناطق ومكاتب رعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم إلى التفاعل في اكتشاف مئات البرامج التي تخدم بشكل مباشر مواهب الشباب، وإلا تكون هذه المؤسسات مجرد جسم شكلي لا يخدم فئة مهمة من المجتمع. وأشار المختص في علم الجريمة الدكتور مضواح آل مضواح إلى أنه يجب استثمار طاقة الشباب لكي تتفجر مواهبها في كل اتجاه، وأن سبب الكتابة على الجدران شعور عاطفي جراء فراغ لقلة المتنفس مثل ملاعب الأحياء وغيرها. وقال مستثمر في الدهانات عبدالله الرميح: «إنها تنتشر في أوساط المراهقين، وتخالف القيم الأخلاقية والأعراف الاجتماعية، وتؤثّر في المظهر الحضاري والجمالي في المدن، فقد شوّهت أسوار مدارسنا وحدائقنا ومنازلنا ولم تنج منها حتى المقابر، تنمّ عن التعصّب حيناً، وعن الكبت النفسي حيناً آخر، وتمتدّ إلى الانتقام والاعتداء وتشويه السمعة، ولا تقف عند الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة»، مشيراً إلى أنه رغم تعدد التوصيات لسبل معالجتها، والبرامج للحدّ من انتشارها، تأبى الانحسار وتواصل العبث بشراسة واقتدار، والبعض يمارسها كهواية وتقليعة من دون النظر لأبعادها السلبية. وأضاف أن دولاً كثيرة في العالم تبذل جهوداً مضنية لمعالجة ظاهرة الكتابة على الجدران والحدّ من انتشارها، إذ إنه في سنة واحدة بلغت تكاليف الإزالة والصيانة في بريطانيا 1.5 بليون دولار، وفي ألمانيا تجاوزت التكاليف 700 مليون دولار، وفي مدينة لوس أنجليس في أميركا وصلت إلى 140 مليون دولار، فيما لا توجد إحصاءات لتكاليف الصيانة في المنطقة العربية ومن بينها المملكة. وقال: «بدأنا منذ عام 2005 في مركز الأبحاث لدينا بعمليات البحث والتطوير لتصنيع نوع خاص من الطلاء يتصدّى لهذه الظاهرة غير الحضارية بغية تدوين فصل مهم في مشروع القضاء عليها، وتوّجت جهودنا بالنجاح بإنتاج «الجزيرة ريفال» المقاوم للكتابة والرسم على الجدران، الذي يمتاز بإمكان إزالتها خلال فترة وجيزة، كما وفر تكاليف باهظة جرّاء إعادة طلاء الجدران من جديد». من جانبهم، نادى عدد من الشباب منهم عادل عسيري وعبدالرحمن محمد إلى توفير ملاعب كرة قدم في كل حي، وإجراء مسابقات واسعة في كل المواهب مثل الرسم والخط والغناء والتمثيل وغير ذلك من أمور مهمة لشغل وقت فراغ الشباب.